الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1913 - مسألة : ومن وطئ حائضا عامدا أو جاهلا : فقد عصى الله تعالى في العمد ، وليس عليه في ذلك شيء لا صدقة ولا غيرها ، إلا التوبة والاستغفار .

                                                                                                                                                                                          وقد قال قائلون في ذلك بكفارة - : كما روينا عن ابن عباس إن وطئها في الدم فدينار ، وإن وطئها في انقطاع الدم فنصف دينار .

                                                                                                                                                                                          وعن قتادة : إن كان واجدا فدينار ، وإن لم يجد فنصف دينار .

                                                                                                                                                                                          وعن عطاء من وطئ حائضا يتصدق بدينار - : وقد روي عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة - : ورأى أحمد بن حنبل أنه مخير بين دينار أو نصف دينار ووجدنا أهل هذه المقالة يحتجون بخبر رويناه من طريق مقسم عن ابن عباس مسندا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومقسم ضعيف

                                                                                                                                                                                          ورويناه أيضا من طريق شريك عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - وشريك ، وخصيف ضعيفان - [ ص: 237 ] ومن طريق فيها عبد الملك بن حبيب عن المكفوف عن أيوب بن خوط عن قتادة عن ابن عباس مسندا ، وعبد الملك ، وأيوب - هالكان - والمكفوف مجهول .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الملك بن حبيب عن أصبغ بن الفرج عن السبيعي عن زيد بن عبد الحميد { أن عمر سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له : تصدق بدينار } ، وعبد الملك - هالك - والسبيعي - مجهول - ولا يظن جاهل أنه أبو إسحاق - مات أبو إسحاق قبل أن يولد أصبغ بدهر - وهو أيضا مرسل - وقد رواه الأوزاعي أيضا مرسلا ، وفيه : { تصدق بخمسي دينار } .

                                                                                                                                                                                          وذهبت طائفة : أن عليه مثل كفارة من وطئ في رمضان - : كما روينا من طريق أحمد بن شعيب أنا محمد بن عبد الأعلى نا المعتمر - هو ابن سليمان التيمي - قال : قرأت على فضل عن أبي حريز : أن أيفع حدثه أن سعيد بن جبير أخبره عن ابن عباس أنه قال : من أفطر في رمضان فعليه عتق رقبة ، أو صوم شهر ، أو إطعام ثلاثين مسكينا : قلت : ومن وقع على امرأته وهي حائض - أو سمع أذان الجمعة ، ولم يجمع ليس له عذر ؟ قال : كذلك عتق رقبة .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق نا هشام - هو ابن حسان - عن الحسن البصري : أنه كان يقيس الذي يقع على الحائض بالذي يقع على امرأته في رمضان .

                                                                                                                                                                                          واحتج أهل هذه المقالة بخبر رويناه من طريق أحمد بن شعيب أخبرني محمود بن خالد نا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم السلمي قال : سمعت علي بن بذيمة يقول : سمعت سعيد بن جبير يقول : سمعت ابن عباس يقول { قال رجل : يا رسول الله إني أصبت امرأتي - وهي حائض - فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعتق رقبة } ، قال ابن عباس : وقيمة الرقبة يومئذ دينار - ورويناه أيضا : من طريق موسى بن أيوب عن الوليد بن مسلم عن جابر عن علي بن بذيمة بإسناده

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : موسى بن أيوب وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم ضعيفان - فسقط كل ما في هذا الباب - ولقد كان يلزم القائلين بالقياس أن يقيسوا واطئ الحائض [ ص: 238 ] على الواطئ في رمضان ، لأنهما معا وطئا فرجا حلال العين ، لم يحرم إلا بحال الصوم ، أو حال الحيض فقط ، ولكن هذا مما تناقضوا فيه ، لا سيما وهم يحتجون بأضعف من هذا الخبر .

                                                                                                                                                                                          وأما نحن فلو صح شيء من كل هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقلنا به ، فلما لم يصح فيه شيء لم يجب منه شيء ، لأنه شرع لم يأمر الله تعالى به .

                                                                                                                                                                                          وممن قال بقولنا ابن سيرين صح عنه أنه قال : يستغفر الله ، وليس عليه شيء - وصح أيضا مثل ذلك عن إبراهيم النخعي ، وعطاء ، ومكحول - وهو قول مالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وأبي سليمان وأصحابهم

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية