الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( ياأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى لما أجاب عن شبهة اليهود على الوجوه الكثيرة وبين فساد طريقتهم ذكر خطابا عاما يعمهم ويعم غيرهم في الدعوة إلى دين محمد - عليه الصلاة والسلام - فقال : ( يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم ) وهذا الحق فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أنه جاء بالقرآن ، والقرآن معجز فيلزم أنه جاء بالحق من ربه .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أنه جاء بالدعوة إلى عبادة الله والإعراض عن غيره ، والعقل يدل على أن هذا هو الحق ، فيلزم أنه جاء بالحق من ربه .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( فآمنوا خيرا لكم ) يعني : فآمنوا يكن ذلك الإيمان خيرا لكم مما أنتم فيه ، أي : أحمد عاقبة من الكفر ، وإن تكفروا فإن الله غني عن إيمانكم لأنه مالك السماوات والأرض وخالقهما ، ومن كان كذلك لم يكن محتاجا إلى شيء ، ويحتمل أن يكون المراد : فإن لله ما في السماوات والأرض ، ومن كان كذلك كان قادرا على إنزال العذاب الشديد عليكم لو كفرتم ، ويحتمل أن يكون المراد : أنكم إن كفرتم فله ملك السماوات والأرض وله عبيد يعبدونه وينقادون لأمره وحكمه .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( وكان الله عليما حكيما ) أي : عليما لا يخفى عليه من أعمال عباده المؤمنين والكافرين شيء ، و ( حكيما ) لا يضيع عمل عامل منهم ولا يسوي بين المؤمن والكافر والمسيء والمحسن ، وهو كقوله ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) [ص : 28] .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية