الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ؛ ويجوز: " الزاني لا ينكح إلا زانية " ؛ و " الزانية لا ينكحها إلا زان " ؛ ولم يقرأ بها؛ وتأويل " الزاني لا ينكح إلا زانية " ؛ على معنى: " لا يتزوج " ؛ وكذلك " الزانية لا يتزوجها إلا زان " ؛ وقال قوم: إن معنى النكاح ههنا: الوطء؛ فالمعنى عندهم: " الزاني لا يطأ إلا زانية؛ والزانية لا يطؤها إلا زان " ؛ وهذا القول يبعد؛ لأنه لا يعرف شيء من ذكر النكاح في كتاب الله إلا على معنى التزويج؛ قال الله - سبحانه -: وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ؛ فهذا تزويج لا شك فيه؛ وقال الله - عز وجل -: يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ؛ فأعلم - عز وجل - أن عقد التزويج يسمى " النكاح " ؛ وأكثر التفسير أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين فقراء؛ كانوا بالمدينة؛ فهموا بأن يتزوجوا ببغايا كن بالمدينة؛ يزنين؛ ويأخذن الأجرة؛ فأرادوا التزويج بهن؛ ليعلنهم؛ فأنزل الله - عز وجل - تحريم ذلك؛ وقيل: إنهم أرادوا أن يسامحوهن؛ فأعلموا أن ذلك حرام. [ ص: 30 ] ويروى أن الحسن قال: إن الزاني إذا أقيم عليه الحد لا يزوج إلا بامرأة أقيم عليها الحد مثله؛ وكذلك المرأة إذا أقيم عليها الحد؛ عنده؛ لا تزوج إلا برجل مثلها؛ وقال بعضهم: الآية منسوخة؛ نسخها قوله: وأنكحوا الأيامى منكم ؛ وأكثر القول أن المعنى ههنا على التزويج؛ ويجوز " وحرم ذلك على المؤمنين " ؛ بمعنى: " وحرم الله ذلك على المؤمنين " ؛ ولم يقرأ بها؛ وهذا لفظه لفظ خبر؛ ومعناه معنى الأمر؛ ولو كان على ما قال من قال: إنه الوطء؛ لما كان في الكلام فائدة؛ لأن القائل إذا قال: الزانية لا تزني إلا بزان؛ والزاني لا يزني إلا بزانية؛ فليس فيه فائدة إلا على جهة التغليظ في الأمر؛ كما تقول للرجل الذي قد عرفته بالكذب: " هذا كذاب " ؛ تريد تغليظ أمره؛ فعلى ما فيه الفائدة؛ وما توجبه اللغة؛ أن المعنى معنى التزويج.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية