الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: يسألونك ماذا ينفقون ؛ قيل: إنهم كانوا سألوا: على من ينبغي أن يفضلوا؛ فأعلم الله - عز وجل - أن أول من تفضل عليه الوالدان؛ والأقربون؛ فقال: قل ما أنفقتم من خير ؛ أي: من مال؛ فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم ؛ أي: يحصيه؛ وإذا أحصاه جازى عليه؛ كما قال: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ؛ أي: يرى المجازاة عليه؛ لأن رؤية فعله الماضي لا فائدة فيه؛ ولا يرى؛ لأنه قد مضى؛ ومعنى " ماذا " ؛ في اللغة: على ضربين؛ فأحدهما أن يكون " ذا " ؛ في معنى " الذي " ؛ ويكون " ينفقون " ؛ من صلته؛ المعنى: يسألونك: أي شيء الذي ينفقون؟ كأنه أي شيء وجه الذي ينفقون؟ لأنهم يعلمون ما المنفق؛ ولكنهم أرادوا علم الله وجهه؛ ومثل جعلهم " ذا " ؛ في معنى " الذي " ؛ قول الشاعر: [ ص: 288 ]

                                                                                                                                                                                                                                        عدس ما لعباد عليك إمارة ... أمنت وهذا تحملين طليق



                                                                                                                                                                                                                                        والمعنى: والذي تحملينه طليق؛ فيكون " ما " ؛ رفعا بالابتداء؛ ويكون " ذا " ؛ خبرها؛ وجائز أن يكون " ما " ؛ مع " ذا " ؛ بمنزلة اسم واحد؛ ويكون الموضع نصبا ب " ينفقون " ؛ المعنى: يسألونك: أي شيء ينفقون؟ وهذا إجماع النحويين؛ وكذلك الوجه الأول إجماع أيضا؛ ومثل جعلهم " ماذا " ؛ بمنزلة اسم واحد؛ قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        دعي ماذا علمت سأتقيه ...     ولكن بالمغيب فنبئيني



                                                                                                                                                                                                                                        كأنه بمنزلة: دعي الذي علمت؛ وجزم " وما تفعلوا " ؛ بالشرط؛ واسم الشرط " ما " ؛ والجواب " فإن الله به عليم " ؛ وموضع " ما " : نصب بقوله: " تفعلوا " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية