الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين

                                                                                                                                                                                                                                      والله جعل لكم معطوف على ما مر، وتقديم لكم على ما سيأتي من المجرور، والمنصوب لما مر من الإيذان من أول الأمر بأنه لمصلحتهم، ومنفعتهم لتشويق النفس إلى وروده، وقوله تعالى: من بيوتكم أي: من بيوتكم المعهودة التي تبنونها من الحجر والمدر تبيين لذلك المجعول المبهم في الجملة، وتأكيد لما سبق من التشويق سكنا فعل بمعنى مفعول، أي: موضعا تسكنون فيه وقت إقامتكم. أو تسكنون إليه من غير أن ينتقل من مكانه، أي: جعل بعض بيوتكم بحيث تسكنون إليه، وتطمئنون به. وجعل لكم من جلود [ ص: 133 ] الأنعام بيوتا أي: بيوتا أخر مغايرة لبيوتكم المعهودة هي الخيام والقباب والأخبية والفساطيط، تستخفونها تجدونها خفيفة، سهلة المأخذ. يوم ظعنكم وقت ترحالكم في النقض والحمل والنقل. وقرئ: بفتح العين ويوم إقامتكم وقت نزولكم في الضرب والبناء ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها عطف على قوله تعالى : من جلود . والضمائر للأنعام على وجه التنويع، أي: وجعل لكم من أصواف الضأن، وأوبار الإبل، وأشعار المعز، أثاثا أي: متاع البيت. وأصله الكثرة، والاجتماع. ومنه شعر أثيث. ومتاعا أي: شيئا يتمتع به بفنون التمتع، إلى حين إلى أن تقضوا منه أوطاركم، أو إلى أن يبلى ويفنى، فإنه في معرض البلا والفناء. وقيل: إلى أن تموتوا. والكلام في ترتيب المفاعيل مثل ما مر من قبل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية