الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله تعالى: فلما جاءها نودي آية 8

                                          [ 16122] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني، فيما كتب إلي، أنبأ إسماعيل بن عبد الكريم عن عبد الصمد بن معقل، قال: سمعت وهبا، يقول: لما رأى موسى النار انطلق يسير حتى وقف منها قريبا، فإذا هو بنار عظيمة تفور من فرع شجرة خضراء شديدة الخضرة، يقال لها العليق لا تزداد فيما يرى إلا عظما وتضرما ولا تزداد الشجرة على شدة الحريق إلا خضرة وحسنا، فوقف فنظر لا يدري على ما يضع أمرها إلا أنه قد ظن أنها شجرة تحترق، أوقد إليها موقد فنالها فاحترقت وإنه [ ص: 2844 ] إنما يمنع النار شدة خضرتها، وكثرة مائها، وكثافة ورقها، وعظم جذعها، فوضع أمرها على هذا فوقف وهو يطمع أن يسقط منها شيء فيقتبسه، فلما طال عليه ذلك أهوى إليها بضعث في يده وهو يريد أن يقتبس من لهبها، فلما فعل ذلك موسى مالت نحوه كأنها تريده فاستأخر عنها وهاب، ثم عاد فطاف بها فلم تزل تطمعه ويطمع بها ثم لم يكن شيء بأوشك من خمودها، فاشتد عند ذلك عجبه وفكر موسى في أمرها فقال: هي نار ممتنعة لا يقتبس منها ولكنها تتضرم في جوف شجرة فلا تحرقها هم خمودها على قدر عظمتها في أوشك من طرفة عين ،فلما رأى ذلك قال: إن لهذه لشأنا ثم وضع أمرها على أنها مأمورة أو مصنوعة لا يدري من أمرها ولا بما أمرت ولا من صنعها ولا لم صنعت، فوقف متحيرا، لا يدري أيرجع أم يقيم، فبينا هو على ذلك إذ رمى بطرفه نحو فرعها فإذا أشد ما كان خضرة، وإذا بخضرة ساطعة في السماء ينظر إليها تغشى الظلام ثم لم تزل الخضرة تنور وتسفر وتبياض حتى صارت نورا ساطعا عمودا ما بين السماء والأرض على مثل شعاع الشمس تلي دونه الأبصار كلما نظر إليه تكاد تخطف بصره، فعند ذلك اشتد خوفه وحزنه ،فرد يده على عينيه، ولصق بالأرض ،وسمع الحسن والوجس ،إلا أنه سمع حينئذ شيئا لم يسمع السامعون بمثله عظما فلما بلغ موسى الكرب، واشتد عليه الهول، وكاد أن يخالط في عقله من شدة الخوف بما يسمع ويرى نودي من الشجرة فقيل: يا موسى، فأجاب سريعا وما يدري من دعاه وما كان سرعة إجابته إلا استبشارا بالأنس فقال: لبيك مرارا إني لأسمع صوتك وأحس وجسك ولا رأى مكانك، فأين أنت قال: فوقك، فلما سمع هذا موسى علم أنه لا ينبغي ذلك إلا لربه فأيقن ،به فقال: كذلك أنت يا إلهي فكلامك أسمع أم رسولك، قال: بل أنا الذي أكلمك ،فادن مني فجمع موسى يديه في العثار ثم تحامل حتى استقل قائما فرعدت فرائصه حتى اختلفت واضطربت رجلاه وانقطع لسانه وانكسر قلبه ولم يبق منه عظم يحمل آخر فهو بمنزلة الميت إلا أن روح الحياة تجري فيه، ثم زحف على ذلك وهو مرعوب حتى وقف قريبا من الشجرة التي نودي منها وذكر الحديث بطوله .

                                          قوله تعالى: أن بورك من في النار

                                          [ 16123 ] حدثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، والمسعودي عن عمرو [ ص: 2845 ] بن مرة، سمع أبا عبيدة يحدث عن أبي موسى، رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه ،يرفع إليه عمل الليل بالنهار، وعمل النهار بالليل، زاد المسعودي وحجابه النار لو كشفها حرقت سحابة وجهه كل شيء أدركه بصره، ثم قرأ أبو عبيدة أن بورك من في النار ومن حولها

                                          [ 16124 ] حدثنا أبي ، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: بورك من في النار يقول: قدس.

                                          [ 16125] حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، قوله: أن بورك من في النار بوركت النار كذلك يقول ابن العباس.

                                          [ 16126] حدثنا علي بن الحسين، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشام، ثنا شريك عن عطاء عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فلما جاءها نودي أن بورك من في النار قال: الله في النور، ونودي من النور.

                                          [16127] حدثنا علي بن الحسين، ثنا محمد بن علي بن حمزة، ثنا علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي، أن عكرمة، حدثه عن ابن عباس، أن بورك من في النار قال: كان ذلك النار نورا، ومن حولها، أن بورك من في النور، ومن حول النار.

                                          [ 16128 ] أخبرنا محمد بن سعد، فيما كتب إلي، حدثني أبي، حدثني عمي، حدثنا أبي عن أبيه، عن ابن عباس، فلما جاءها نودي أن بورك من في النار يعني نفسه قال: كان نور رب العالمين في الشجرة، ومن حولها.

                                          [ 16129] حدثنا أبي ، ثنا الحماني عن شريك عن عطاء عن سعيد، أن بورك من في النار قال: الله.

                                          [16130] حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثنا أبو معاوية عن أبي شيبان عن عكرمة: أن بورك من في النار ومن حولها قال: كان الله في نوره.

                                          [ ص: 2846 ] [16131 ] حدثنا أبو زرعة، ثنا ابن أبي شيبة، ثنا علي بن حفص المدائني عن ورقاء عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير، أن بورك من في النار قال: ناداه وهو في النور.

                                          [ 16132 ] حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ العباس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة، قوله: أن بورك من في النار ومن حولها وهي في مصحف أبي بن كعب أن بورك من في النار ومن حولها أما النار فيزعمون أنها ضوء من الله عز وجل.

                                          [ 16133] حدثنا علي بن الحسين الهسنجاني، ثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأ مفضل بن فضالة، حدثنا أبو صخر، فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها قال: إن موسى - صلى الله عليه وسلم ك - ان على شاطئ الوادي يرعى غنمه ،فلما رأت الغنم النار نفرت ،فقام موسى فصاح بها فاجتمعت، ثم نفرت الثانية، ثم قام فصاح بها فاجتمعت، ثم نفرت، الثالثة، فلما قام أبصر النار فسار إليها فلما أتاها نودي أن بورك من في النار ومن حولها قال: إنها لم تكن نارا ولكنه كان نور الله عز وجل وهو الذي كان في ذلك النور، وإنما كان ذلك النور منه وموسى حوله.

                                          [ 16134] حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا مكي بن إبراهيم، ثنا موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب، في قوله عز وجل: أن بورك من في النار ومن حولها قال: النار نور الرحيم، ضوء من نور الله عز وجل، ومن حولها موسى النبي والملائكة عليهم السلام.

                                          الوجه الثاني:

                                          [16135] حدثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ أحمد بن حميد، ثنا يحيى بن يمان عن سفيان، عن السدي، أن بورك من في النار قال: كان في النار ملائكة.

                                          قوله تعالى: ومن حولها

                                          [ 16136 ] حدثنا أبو سعيد القطان، ثنا يحيى بن آدم عن شريك عن عطاء عن [ ص: 2847 ] سعيد بن جبير، عن ابن عباس، ومن حولها قال: الملائكة. ، وروي عن عكرمة، والحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، مثل ذلك .

                                          الوجه الثاني :

                                          [ 16137] حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني، ثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأ مفضل بن فضالة، حدثني أبو صخر، أن بورك من في النار ومن حولها قال: كان نور الله عز وجل وهو الذي كان في ذلك النور، وإنما كان ذلك النور منه وموسى حوله.

                                          قوله تعالى: وسبحان الله رب العالمين

                                          [ 16138] حدثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حماد، ثنا أسباط، عن السدي، أن بورك من في النار ومن حولها فلما سمع موسى النداء فزع فقال: وسبحان الله رب العالمين نودي: يا موسى إني أنا الله رب العالمين

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية