الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2444 ) فصل : وإذا قضيا ، تفرقا من موضع الجماع حتى يقضيا حجهما . روي هذا عن عمر ، وابن عباس . وروى سعيد ، والأثرم ، بإسناديهما عن عمر ، أنه سئل عن رجل وقع بامرأته ، وهما محرمان . فقال : أتما حجكما ، فإذا كان عام قابل ، فحجا واهديا ، حتى إذا بلغتما المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما ، فتفرقا حتى تحلا . ورويا عن ابن عباس مثل ذلك . وبه قال سعيد بن المسيب ، وعطاء ، والنخعي ، والثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وروي عن أحمد أنهما يتفرقان من حيث يحرمان حتى يحلا . ورواه مالك في " الموطأ " عن علي رضي الله عنه وروي عن ابن عباس . وهو قول مالك ; لأن التفريق بينهما خوفا من معاودة المحظور ، وهو يوجد في جميع إحرامهما . ووجه الأول أن ما قبل موضع الإفساد كان إحرامهما فيه صحيحا ، فلم يجب التفرق فيه ، كالذي لم يفسد ، وإنما اختص التفريق بموضع الجماع ، لأنه ربما يذكره برؤية مكانه ، فيدعوه ذلك إلى فعله . ومعنى التفرق أن لا يركب معها في محمل ، ولا ينزل معها في فسطاط ونحوه .

                                                                                                                                            قال أحمد : يتفرقان في النزول ، وفي المحمل والفسطاط ، ولكن يكون بقربها . وهل يجب التفريق أو يستحب ؟ فيه وجهان : أحدهما ، لا يجب . وهو قول أبي حنيفة ; لأنه لا يجب التفرق في قضاء رمضان إذا أفسداه ، كذلك الحج . والثاني : يجب ; لأنه روي عمن سمينا من الصحابة الأمر به ، ولم نعرف لهم مخالفا ، ولأن الاجتماع في ذلك الموضع يذكر الجماع ، فيكون من دواعيه . والأول أولى ; لأن حكمة التفريق الصيانة عما يتوهم من معاودة الوقاع عند تذكره برؤية مكانه ، وهذا وهم بعيد لا يقتضي الإيجاب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية