nindex.php?page=treesubj&link=28752_31788_31846_32445_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا .
المنع هنا هو الترك، وهو لازم لمنع، فأطلق الملزوم، وأريد لازمه وما أحد بمانع رب البرية إن هو ترك، لحكمة أرادها، وأمر قدره، وهو أنه يعلم وهو علام الغيوب أن الآيات الحسية لا يؤمنون بها كما لا يؤمن بها من سبقهم، ولأن الآيات الحسية كحاصب من السماء أو خسف أو ريح صرصر ينقضي بعد ساعته، ويكون خبرا من الأخبار، ولو أن القرآن سجل معجزات
عيسى وموسى ونوح وإبراهيم ما علم بها أحد علما متواترا من غير تحريف.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59أن نرسل مصدر منسبك من (أن) وما بعدها في المفعول للمنع، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59إلا أن كذب بها الأولون وهم الذين نزلت إليهم، و(أن) وما بعدها في مصدر منسبك في موضع الفاعل للمنع، وقد علمت أن المنع أريد به الترك وإنما عبر بالمنع ولا يوجد من يمنع؛ للإشارة إلى أن الحكمة التي أرادها رب
[ ص: 4409 ] العالمين من الآيات هي التي تمنع، فالله تعالى هو الذي منع ذاته العلية، كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=47وكان حقا علينا نصر المؤمنين
وقد ذكر الله تعالى آية كان
العرب يعلمون بها، وقد كانت في أرضهم، وقريبا من دارهم، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وآتينا ثمود الناقة مبصرة أي مبينة هادية ليبصروا بها الحق، ولكنهم بعد أن أبصروه تجنبوه، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وآتينا ثمود الناقة أي أنه سبحانه آتاها
لثمود، مع أنه آتاها
لصالح حجة له، ولكن ذكر الإيتاء لهم وقد كفروا وضلوا بها، ولأنها نزلت فيهم حجة عليهم لأنهم هم الذين طلبوها.
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59فظلموا بها أي بسببها، أو تضمن الظلم معنى الكفر، فيكون المعنى فكفروا بها، ولم يصدقوا، ولم يذعنوا لما تهديهم إليه، ويقول:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وما نرسل بالآيات إلا تخويفا أي ما نرسل الرسل مؤيدين بالآيات إلا تخويفا، إلا ليعلموا رسالة الرسل الذين جاءوا مبشرين ومنذرين، فمعنى التخويف هو ما تدل عليه من الرسالة المنذرة المخوفة من عذاب الله تعالى.
nindex.php?page=treesubj&link=28752_31788_31846_32445_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا .
الْمَنْعُ هُنَا هُوَ التَّرْكُ، وَهُوَ لَازِمٌ لِمَنْعٍ، فَأُطْلِقُ الْمَلْزُومُ، وَأُرِيدَ لَازِمُهُ وَمَا أَحَدٌ بِمَانِعٍ رَبَّ الْبَرِيَّةِ إِنْ هُوَ تَرَكَ، لِحِكْمَةٍ أَرَادَهَا، وَأَمْرٍ قَدَّرَهُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَهُوَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ أَنَّ الْآيَاتِ الْحِسِّيَّةَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا كَمَا لَا يُؤْمِنُ بِهَا مِنْ سَبَقَهُمْ، وَلِأَنَّ الْآيَاتِ الْحِسِّيَّةَ كَحَاصِبٍ مِنَ السَّمَاءِ أَوْ خَسْفٍ أَوْ رِيحٍ صَرْصَرٍ يَنْقَضِي بَعْدَ سَاعَتِهِ، وَيَكُونُ خَبْرًا مِنَ الْأَخْبَارِ، وَلَوْ أَنَّ الْقُرْآنَ سَجَّلَ مُعْجِزَاتِ
عِيسَى وَمُوسَى وَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ مَا عَلِمَ بِهَا أَحَدٌ عِلْمًا مُتَوَاتِرًا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59أَنْ نُرْسِلَ مَصْدَرٌ مُنْسَبِكٌ مِنْ (أَنْ) وَمَا بَعْدَهَا فِي الْمَفْعُولِ لِلْمَنْعِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَهُمُ الَّذِينَ نَزَلَتْ إِلَيْهِمْ، وَ(أَنْ) وَمَا بَعْدَهَا فِي مَصْدَرٍ مُنْسَبِكٍ فِي مَوْضِعِ الْفَاعِلِ لِلْمَنْعِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمَنْعَ أُرِيدَ بِهِ التَّرْكُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْمَنْعِ وَلَا يُوجَدُ مَنْ يَمْنَعُ؛ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ الَّتِي أَرَادَهَا رَبُّ
[ ص: 4409 ] الْعَالَمِينَ مِنَ الْآيَاتِ هِيَ الَّتِي تَمْنَعُ، فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي مَنَعَ ذَاتَهُ الْعَلِيَّةَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=47وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
وَقَدْ ذُكَرَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةً كَانَ
الْعَرَبُ يَعْلَمُونَ بِهَا، وَقَدْ كَانَتْ فِي أَرْضِهِمْ، وَقَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً أَيْ مُبِينَةً هَادِيَةً لِيُبْصِرُوا بِهَا الْحَقَّ، وَلَكِنَّهُمْ بَعْدَ أَنْ أَبْصَرُوهُ تَجَنَّبُوهُ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ أَيْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ آتَاهَا
لِثَمُودَ، مَعَ أَنَّهُ آتَاهَا
لِصَالِحٍ حُجَّةً لَهُ، وَلَكِنْ ذَكَرَ الْإِيتَاءَ لَهُمْ وَقَدْ كَفَرُوا وَضَلُّوا بِهَا، وَلِأَنَّهَا نَزَّلَتْ فِيهِمْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ طَلَبُوهَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59فَظَلَمُوا بِهَا أَيْ بِسَبَبِهَا، أَوْ تَضَمَّنَ الظُّلْمُ مَعْنَى الْكُفْرِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فَكَفَرُوا بِهَا، وَلَمْ يُصَدِّقُوا، وَلَمْ يُذْعِنُوا لِمَا تَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ، وَيَقُولُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا أَيْ مَا نُرْسِلُ الرُّسُلَ مُؤَيَّدِينَ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا، إِلَّا لِيَعْلَمُوا رِسَالَةَ الرُّسُلِ الَّذِينَ جَاءُوا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، فَمَعْنَى التَّخْوِيفِ هُوَ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الرِّسَالَةِ الْمُنْذِرَةِ الْمُخَوِّفَةِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى.