الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  باب من يخرج من النار

                                                                  20856 أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة قال : قال الناس : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال : " هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ؟ " قالوا : لا يا رسول الله ، قال : " فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك يجمع الله الناس فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه " ، قال : " فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ويتبع [ ص: 408 ] من كان يعبد القمر القمر ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك هذا مكاننا ، حتى يأتينا ربنا ، فإذا جاء ربنا عرفناه ، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا فيتبعونه ، قال : ويضرب الجسر على جهنم فأكون أول من يجيز ، ودعوة الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم ، وبه كلاليب مثل شوك السعدان ، هل رأيتم شوك السعدان ؟ " ، قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : " فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله ، قال : فتخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم الموبق بعمله ، ومنهم المخردل ثم ينجو ، حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده ، وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يرحم ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله ، أمر الملائكة أن يخرجوهم ، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود " ، قال : " وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود ، قال : فيخرجونهم قد امتحشوا ، فيصب عليهم من ماء يقال له : الحياة ، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل ، قال : ويبقى رجل مقبل بوجهه إلى النار فيقول : يا رب ، قد قشبني ريحها ، وأحرقني ذكاؤها ، فاصرف وجهي عن النار ، قال : فلا يزال يدعو الله فيقول : لعلي إن أعطيتك أن تسألني غيره ، فيقول : لا وعزتك لا أسألك غيره " ، قال : " فيصرف وجهه عن النار " ، قال : " ثم يقول بعد ذلك : يا رب قربني إلى باب [ ص: 409 ] الجنة ، فيقول : أوليس قد زعمت ألا تسألني غيره ؟ ويلك يا ابن آدم ما أغدرك ، فلا يزال يدعو ، فيقول : لعلي إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره ، فيقول : لا وعزتك ، لا أسألك غيره ، ويعطي الله من عهود ومواثيق ألا يسأله غيره " ، قال : " فيقربه إلى باب الجنة " ، قال : " فإذا دنا منها انفهقت له الجنة ، فإذا رأى ما فيها سكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : رب أدخلني الجنة ، قال : فيقول : أوليس قد زعمت ألا تسألني غيره ؟ أوليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك ألا تسألني غيره ؟ ويلك يا ابن آدم ما أغدرك ، فيقول : يا رب ، لا تجعلني أشقى خلقك ، فلا يزال يدعو حتى يؤذن له بالدخول فيها ، فإذا دخل قيل له : تمن من كذا " قال : " فيتمنى ، ثم يقال له : تمن من كذا ، تمن من كذا " ، قال : " فيتمنى حتى تنقطع به الأماني ، فيقال له : هذا لك ومثله معه " قال أبو هريرة : وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا الجنة ، قال : وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة لا يغير عليه شيئا من حديثه حتى انتهى إلى قوله : هذا لك ومثله معه ، فقال أبو سعيد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " هذا لك وعشرة أمثاله " ، فقال أبو هريرة : حفظت : ومثله معه .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية