الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        [ ص: 598 ] [ ص: 599 ] الفصل الثالث

                        في أركان القياس

                        وهي أربعة :

                        الأصل .

                        والفرع .

                        والعلة .

                        والحكم .

                        ولا بد من هذه الأربعة الأركان في كل قياس ، ومنهم من ترك التصريح بالحكم .

                        وذهب الجمهور إلى أنه لا يصح القياس إلا بعد التصريح به .

                        قال ابن السمعاني : ذهب بعضهم إلى جواز القياس بغير أصل ، قال : وهو من خلط الاجتهاد بالقياس ، والصحيح أنه لا بد من أصل; لفروع لا تتفرع إلا عن أصول ، انتهى .

                        والأصل يطلق على أمور ، منها ما يقتضي العلم به العلم بغيره .

                        ومنها : ما لا يصح العلم بالمعنى إلا به .

                        ومنها : الذي يعتبر به ما سواه .

                        ومنها : الذي يقع القياس عليه ، وهو المراد هنا .

                        وقد وقع الخلاف فيه ، فقيل : هو النص الدال على ثبوت الحكم في محل الوفاق ، وبه قال القاضي أبو بكر ، والمعتزلة .

                        وقال الفقهاء : هو محل الحكم المشبه به ، قال ابن السمعاني : وهذا هو الصحيح .

                        قال الفخر الرازي : الأصل هو الحكم الثابت في محل الوفاق ، باعتبار تفرع العلة عليه [ ص: 600 ] وقال جماعة منهم ابن برهان إن هذا النزاع لفظي ، يرجع إلى الاصطلاح ، فلا مشاحة فيه ، أو إلى اللغة ( فهو يجوز ) إطلاقه على ما ذكر ، وقيل : بل يرجع إلى تحقيق المراد بالأصل ، وهو يطلق تارة على الغالب ، وتارة على الوضع اللغوي ، كقولهم : الأصل عدم الاشتراك ، وتارة على إرادة التعبد الذي لا يعقل معناه ، كقولهم : خروج النجاسة من محل ، وإيجاب الطهارة في محل آخر على خلاف الأصل .

                        قال الآمدي يطلق الأصل على ما يتفرع عليه غيره ، وعلى ما يعرف بنفسه ، وإن لم يبن عليه غيره ، كقولنا : تحريم الربا في النقدين أصل ، وهذا منشأ الخلاف في أن الأصل في تحريم النبيذ الخمر أو النص ، أو الحكم . قال : واتفقوا على أن العلة ليست أصلا انتهى .

                        وعلى الجملة : إن الفقهاء يسمون محل الوفاق أصلا ، ومحل الخلاف فرعا ، ولا مشاحة في الاصطلاحات ، ولا يتعلق بتطويل البحث في هذا كثير فائدة ، فالأصل هو المشبه به ، ولا يكون ذلك إلا لمحل الحكم ، لا لنفس الحكم ، ولا لدليله ، والفرع هو المشبه ، لا لحكمه . والعلة هي الوصف الجامع بين الأصل والفرع . والحكم هو ثمرة القياس ، والمراد به ما ثبت للفرع بعد ثبوته لأصله .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية