الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تكونوا فيما تصنعون من النقض. كالتي نقضت غزلها أي: ما غزلته مصدر بمعنى: المفعول من بعد قوة متعلق بنقضت، أي: كالمرأة التي نقضت غزلها من بعد إبرامه، وإحكامه. أنكاثا طاقات نكثت فتلها. جمع نكث. وانتصابه على الحالية من "غزلها"، أو على أنه مفعول ثان لنقضت، فإنه بمعنى صيرت، والمراد: تقبيح حال النقض بتشبيه الناقض بمثل هذه الخرقاء المعتوهة. قيل: هي ريطة بنت سعد بن تيم ، وكانت خرقاء اتخذت مغزلا قدر ذراع، وصنارة، مثل: أصبع وفلكة عظيمة على قدرها، فكانت تغزل هي وجواريها من الغداة إلى الظهر، ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن. تتخذون أيمانكم دخلا بينكم حال من الضمير في "لا تكونوا" أو في الجار والمجرور الواقع موقع الخبر، أي: مشابهين لامرأة شأنها هذا حال كونكم متخذين أيمانكم مفسدة، ودخلا بينكم، وأصل الدخل ما يدخل الشيء، ولم يكن منه. أن تكون أمة أي: بأن تكون جماعة هي أربى أي: أزيد عددا، وأوفر مالا. من أمة من جماعة أخرى، أي: لا تغدروا بقوم لكثرتكم، وقلتهم، أو لكثرة منابذيهم، وقوتهم، كقريش فإنهم كانوا إذا رأوا شوكة في أعادي حلفائهم نقضوا عهدهم، وحالفوا أعداءهم. إنما يبلوكم الله به أي: بأن تكون أمة أربى من أمة. أي: يعاملكم بذلك معاملة من يختبركم لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله، وبيعة رسوله صلى الله عليه وسلم، أم تغترون بكثرة قريش، وشوكتهم، وقلة المؤمنين، وضعفهم بحسب ظاهر الحال. وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون حين جازاكم بأعمالكم ثوابا وعقابا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية