الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2451 ) مسألة : قال : ( ثم أتى الحجر الأسود ، إن كان ، فاستلمه إن استطاع ، وقبله ) معنى ( استلمه ) أي مسحه بيده ، مأخوذ من السلام ، وهي الحجارة . فإذا مسح الحجر قيل استلم ، أي : مس السلام . قاله ابن قتيبة . والمستحب لمن دخل المسجد أن لا يعرج على شيء قبل الطواف بالبيت ، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يفعل ذلك ، قال جابر في حديثه الصحيح : { حتى أتينا البيت معه ، استلم الركن ، فرمل ثلاثا ، ومشى أربعا } .

                                                                                                                                            وعن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة ، توضأ ، ثم طاف بالبيت } . متفق عليه . وروى ذلك عروة عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعبد الله بن عمر ، ومعاوية ، وابن الزبير ، والمهاجرين ، وعائشة ، وأسماء ، ابنتي أبي بكر ، ولأن الطواف تحية المسجد الحرام ، فاستحب البداية به ، كما استحب لداخل غيره من المساجد أن يصلي ركعتين . ويبتدئ الطواف بالحجر الأسود ، فيستلمه ، وهو أن يمسحه بيده ، ويقبله . قال أسلم : رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل الحجر ، وقال : إني لأعلم أنك حجر ، لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك . متفق عليه .

                                                                                                                                            وروى ابن ماجه . عن ابن عمر ، قال : { استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر ، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا ، ثم التفت ، فإذا هو بعمر بن الخطاب رضي الله عنه يبكي ، فقال : يا عمر ، هاهنا تسكب العبرات } . وقول الخرقي : ( إن كان ) يعني إن كان الحجر في موضعه لم يذهب به ، كما ذهب به القرامطة مرة ، حين ظهروا على مكة ، فإذا كان ذلك ، والعياذ بالله ، فإنه يقف مقابلا لمكانه ، ويستلم [ ص: 183 ] الركن .

                                                                                                                                            وإن كان الحجر موجودا في موضعه ، استلمه وقبله . فإن لم يمكنه استلامه وتقبيله ، قام حياله ، أي بحذائه ، واستقبله بوجهه ، فكبر ، وهلل . وهكذا إن كان راكبا ، فقد روى البخاري ، عن ابن عباس ، قال : { طاف النبي صلى الله عليه وسلم على بعير ، كلما أتى الحجر أشار إليه بشيء في يده ، وكبر } . وروي عن { النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمر : إنك لرجل شديد ، تؤذي الضعيف إذا طفت بالبيت ، فإذ رأيت خلوة من الحجر فادن منه ، وإلا فكبر ، ثم امض } . فإن أمكنه استلام الحجر بشيء في يده ، كالعصا ونحوها ، فعل ، فقد روى ابن عباس ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع ، يستلم الركن بمحجن } .

                                                                                                                                            وهذا كله مستحب . ويقول عند استلام الحجر : { باسم الله ، والله أكبر ، إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، ووفاء بعهدك ، واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم . } رواه عبد الله بن السائب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية