الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون

                                                                                                                                                                                                                                      من عمل صالحا أي: عملا صالحا. أي: عمل كان، وهذا شروع في تحريض كافة المؤمنين على كل عمل صالح غب ترغيب طائفة منهم في الثبات على ما هم عليه من عمل صالح مخصوص دفعا لتوهم اختصاص الأجر الموفور بهم، وبعملهم المذكور. وقوله تعالى: من ذكر أو أنثى مبالغة في بيان شموله للكل وهو مؤمن قيده به إذ لا اعتداد بأعمال الكفرة في استحقاق الثواب، أو تخفيف العذاب، لقوله تعالى: وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وإيثار إيراده بالجملة الاسمية الحالية على نظمه في سلك الصلة لإفادة وجوب دوامه، ومقارنته للعمل الصالح. فلنحيينه حياة طيبة في الدنيا يعيش عيشا طيبا، أما إن كان موسرا فظاهر، وأما إن كان معسرا فيطيب عيشه بالقناعة والرضى بالقسمة وتوقع الأجر العظيم كالصائم يطيب نهاره بملاحظة نعيم ليله بخلاف الفاجر، فإنه إن كان معسرا فظاهر، وإن كان موسرا فلا يدعه الحرص وخوف الفوات أن يتهنأ بعيشه. ولنجزينهم في الآخرة أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون حسبما نفعل بالصابرين، فليس فيه شائبة تكرار. والجمع في الضمائر العائدة إلى الموصول لمراعاة جانب المعنى كما أن الإفراد فيما سلف لرعاية جانب اللفظ، وإيثار ذلك على العكس لما أن وقوع الجزاء بطريق الاجتماع المناسب للجمعية، ووقوع ما في حيز الصلة، وما يترتب عليه بطريق الافتراق والتعاقب الملائم للإفراد. وإذ قد انتهى الأمر إلى أن مدار الجزاء المذكور هو صلاح العمل وحسنه، رتب عليه بالفاء الإرشاد إلى ما به يحسن العمل الصالح، ويخلص عن شوب الفاسد. فقيل:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية