الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          فصل الضرب الرابع شركة الأبدان سميت بذلك ; لاشتراكهما في عمل أبدانهما ( وهي ) نوعان : أحدهما ( أن يشتركا فيما يتملكان بأبدانهما من مباح كاحتشاش واصطياد وتلصص على دار الحرب ونحوه ) كسلب من يقتلانه بدار حرب . واحتج بأن { النبي صلى الله عليه وسلم قد أشرك بين عمار وسعد وابن مسعود فجاء سعد بأسيرين ولم يجيئا بشيء } والحديث رواه أبو داود والأثرم . وكان ذلك في غزوة بدر ، وكانت غنائمها لمن أخذها قبل أن يشرك الله تعالى بينهم . ولهذا نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من أخذ شيئا فهو له } فكان ذلك من قبيل المباحات ; ولأن العمل أحد جهتي المضاربة فصحت الشركة عليه كالمال . النوع الثاني : أن يشتركا فيما ( يتقبلان في ذممهما من عمل ) كحدادة وقصارة وخياطة .

                                                                          ولو قال أحدهما : أنا أتقبل وأنت تعمل والأجرة بيننا . صح ; لأن تقبل العمل يوجب الضمان على المتقبل ويستحق به الربح ، فصار كتقبله المال في المضاربة ، والعمل يستحق به العامل الربح كعمل المضارب فينزل منزلة المضاربة ( ويطالبان بما يتقبله أحدهما ) من عمل ( ويلزمهما عمله ) ; لأن مبناها على الضمان فكأنها تضمنت ضمان كل واحد منهما على الآخر ما يلزمه ( ولكل ) من الشريكين ( طلب أجرة ) عمل ولو تقبله صاحبه ويبرأ مستأجر بدفعها [ ص: 230 ] لأحدهما .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية