الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3086 باب وصية النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" بكتاب الله

                                                                                                                              وقال النووي: ( باب ترك الوصية، لمن ليس له شيء يوصي فيه ) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص87-88 ج11 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن طلحة بن مصرف، قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى: هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: لا. قلت: فلم كتب على المسلمين الوصية ؟ -أو فلم أمروا بالوصية ؟- قال: أوصى بكتاب الله عز وجل .] .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن طلحة بن مصرف ) ، بضم الميم وفتح الصاد وكسر الراء المشددة. وحكي فتح الراء. والصواب: الأول.

                                                                                                                              (قال سألت عبد الله بن أبي أوفى ) رضي الله عنهما، (هل أوصى رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم ؟ فقال: لا. قلت: فلم كتب على المسلمين الوصية ؟ - أو فلم أمروا بالوصية ؟ - ) .

                                                                                                                              [ ص: 151 ] مراده: قوله تعالى: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية .

                                                                                                                              قال النووي: وهذه الآية منسوخة عند الجمهور. ويحتمل: أنه أراد بكتب الوصية: الندب إليها. انتهى.

                                                                                                                              قلت: وهذا الاحتمال يأباه كلامه هذا في الحديث صريحا، فإنه لما سمع: أن النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" لم يوص: اعترض عليه بذلك. والله أعلم.

                                                                                                                              (قال: أوصى بكتاب الله عز وجل ) أي: بالعمل بما فيه. وقد قال تعالى: ما فرطنا في الكتاب من شيء أي شيء من الأشياء؛

                                                                                                                              منها: ما يعلم منه نصا ومنها: ما يحصل بالاستنباط. قاله النووي.

                                                                                                                              قلت: وهذه الوصية، صارت كالمنسوخة في الأمة. لا تجد في مائة منهم، بل في ألف، بل آلاف: من يعمل بها متمسكا به في الأحكام، وإنما يتعلق به الجمهور من الناس تلاوة أو تبركا. وقد سماه رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم": "الثقل". وقال: "تركت فيكم الثقلين، لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله". أو كما قال.

                                                                                                                              [ ص: 152 ] والحال: أن المسلمين قد تركوهما رأسا، ولا يلتفتون إليهما أصلا إلا من رحمه الله تعالى، وهذا من أشراط الساعة الكبرى، التي أظلت على الناس في هذه الأعصار والأمصار، وصارت ديانة أكثرهم: تقليدات الرجال. بل ادعاء الإسلام لسانا، والميل إلى غير هذا الدين، من نحل الفلاسفة، ومن تبعهم بالإساءة، من ولاة الأمور جنانا. وماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية