الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله - عز وجل -: ألا إنهم هم المفسدون ؛ ينادي بذلك نداء [ ص: 44 ]

                                                                                                                                                                                                                                      جليا؟ فإنه رد من جهته (تعالى) لدعواهم المحكية؛ أبلغ رد؛ وأدله على سخط عظيم؛ حيث سلك فيه مسلك الاستئناف المؤدي إلى زيادة تمكن الحكم في ذهن السامع؛ وصدرت الجملة بحرفي التأكيد: "ألا" المنبهة على تحقق ما بعدها؛ فإن الهمزة الإنكارية الداخلة على النفي تفيد تحقيق الإثبات قطعا؛ كما في قوله (تعالى): أليس الله بكاف عبده ؛ ولذلك لا يكاد يقع ما بعدها من الجملة إلا مصدرة بما يلتقي به القسم؛ وأختها التي هي "أما" من طلائع القسم؛ وقيل: هما حرفان بسيطان موضوعان للتنبيه والاستفتاح؛ و"إن" المقررة للنسبة؛ وعرف الخبر؛ ووسط ضمير الفصل لرد ما في قصر أنفسهم على الإصلاح من التعريض بالمؤمنين؛ ثم استدرك بقوله (تعالى): ولكن لا يشعرون ؛ للإيذان بأن كونهم مفسدين من الأمور المحسوسة؛ لكن لا حس لهم حتى يدركوه؛ وهكذا الكلام في الشرطيتين الآتيتين؛ وما بعدهما من رد مضمونهما؛ ولولا أن المراد تفصيل جناياتهم؛ وتعديد خبائثهم؛ وهناتهم؛ ثم إظهار فسادها؛ وإبانة بطلانها لما فتح هذا الباب؛ والله أعلم بالصواب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية