الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حيض ]

                                                          حيض : الحيض : معروف . حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا ، والمحيض يكون اسما ويكون مصدرا . قال أبو إسحاق : يقال حاضت المرأة تحيض حيضا ومحاضا ومحيضا ، قال : وعند النحويين أن المصدر في هذا الباب بابه المفعل والمفعل جيد بالغ ، وهي حائض ، همزت وإن لم تجر على الفعل لأنه أشبه في اللفظ ما اطرد همزه من الجاري على الفعل نحو قائم وصائم وأشباه ذلك ؛ قال ابن سيده : ويدلك على أن عين حائض همزة ، وليست ياء خالصة كما لعله يظنه كذلك ظان ، قولهم امرأة زائر من زيارة النساء ، ألا ترى أنه لو كانت العين صحيحة لوجب ظهورها واوا وأن يقال زاور ؟ وعليه قالوا : العائر للرمد ، وإن لم يجر على الفعل لما جاء مجيء ما يجب همزه وإعلاله في غالب الأمر ، ومثله الحائش : الجوهري : حاضت ، فهي حائضة ؛ وأنشد :


                                                          رأيت حيون العام والعام قبله كحائضة يزنى بها غير طاهر



                                                          وجمع الحائض حوائض وحيض على فعل . قال ابن خالويه : يقال حاضت ونفست ونفست ودرست وطمثت وضحكت وكادت [ ص: 289 ] وأكبرت وصامت . وقال المبرد : سمي الحيض حيضا من قولهم حاض السيل إذا فاض ؛ وأنشد لعمارة بن عقيل :


                                                          أجالت حصاهن الذواري ، وحيضت     عليهن حيضات السيول الطواحم



                                                          والذواري والذاريات : الرياح . والحيضة : المرة الواحدة من دفع الحيض ونوبه ، والحيضات جماعة ، والحيضة الاسم ، بالكسر ، والجمع الحيض ، وقيل : الحيضة الدم نفسه . وفي حديث أم سلمة : ليست حيضتك في يدك ؛ الحيضة ، بالكسر : الاسم من الحيض والحال التي تلزمها الحائض من التجنب والتحيض كالجلسة والقعدة من الجلوس والقعود . والحياض : دم الحيضة ؛ قال الفرزدق :


                                                          خواق حياضهن تسيل سيلا     على الأعقاب ، تحسبه خضابا



                                                          أراد خواق فخفف . وتحيضت المرأة : تركت الصلاة أيام حيضها . وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال للمرأة : ( تحيضي في علم الله ستا أو سبعا ) تحيضت المرأة إذا قعدت أيام حيضتها تنتظر انقطاعه ، يقول : عدي نفسك حائضا وافعلي ما تفعل الحائض ، وإنما خص الست والسبع لأنهما الغالب على أيام الحيض واستحيضت المرأة أي : استمر بها الدم بعد أيامها ، فهي مستحاضة ، والمستحاضة : التي لا يرقأ دم حيضها ولا يسيل من المحيض ولكنه يسيل من عرق يقال له العاذل ، وإذا استحيضت المرأة في غير أيام حيضها صلت وصامت ولم تقعد كما تقعد الحائض عن الصلاة . قال الله عز وجل : ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض قيل : إن المحيض في هذه الآية المأتى من المرأة لأنه موضع الحيض فكأنه قال : اعتزلوا النساء في موضع الحيض ولا تجامعوهن في ذلك المكان . وفي الحديث : إن فلانة استحيضت ؛ الاستحاضة : أن يستمر بالمرأة خروج الدم بعد أيام حيضها المعتاد . يقال : استحيضت ، فهي مستحاضة ، وهو استفعال من الحيض . وحاضت السمرة : خرج منها الدودم ، وهو شيء شبه الدم ، وإنما ذلك على التشبيه . وقال غيره : حاضت السمرة تحيض حيضا ، وهي شجرة يسيل منها شيء كالدم . الأزهري : يقال حاض السيل وفاض إذا سال يحيض ويفيض ؛ وقال عمارة :


                                                          أجالت حصاهن الذواري وحيضت     عليهن حيضات السيول الطواحم



                                                          معنى حيضت : سيلت . والمحيض والحيض : اجتماع الدم إلى ذلك المكان ، قال : ومن هذا قيل للحوض : حوض ، لأن الماء يحيض إليه أي : يسيل ، قال : والعرب تدخل الواو على الياء والياء على الواو لأنهما من حيز واحد ، وهو الهواء ، وهما حرفا لين ، وقال اللحياني في باب الصاد والضاد حاص وحاض بمعنى واحد ، وكذلك قال ابن السكيت في باب الصاد والضاد . وقال أبو سعيد : إنما هو حاض وجاض بمعنى واحد ويقال : حاضت المرأة وتحيضت ودرست وعركت تحيض حيضا ومحاضا ومحيضا إذا سال الدم منها في أوقات معلومة ، فإذا سال في غير أيام معلومة ومن غير عرق المحيض قلت : استحيضت ، فهي مستحاضة ، وقد تكرر ذكر الحيض وما تصرف منه من اسم وفعل ومصدر وموضع وزمان وهيئة في الحديث ؛ ومن ذلك قوله ، صلى الله عليه وسلم : ( لا تقبل صلاة حائض إلا بخمار ) أي : بلغت سن المحيض وجرى عليها القلم . ولم يرد في أيام حيضها لأن الحائض لا صلاة عليها . والحيضة : الخرقة التي تستثفر بها المرأة ؛ قالت عائشة ، رضي الله عنها : ليتني كنت حيضة ملقاة ؛ وكذلك المحيضة والجمع المحايض . وفي حديث بئر بضاعة : تلقى فيها المحايض ؛ وقيل : المحايض جمع المحيض ، وهو مصدر حاض ، فلما سمي به جمعه ، ويقع المحيض على المصدر والزمان والدم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية