الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون

                                                                                                                                                                                                                                      إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله رد لقولهم إنما أنت مفتر، وقلب للأمر عليهم ببيان أنهم هم المفترون بعد رده بتحقيق أنه منزل من عند الله بواسطة روح القدس، وإنما وسط بينهما قوله تعالى: "ولقد نعلم"... الآية. لما لا يخفى من شدة اتصاله بالرد الأول، والمعنى: والله تعالى أعلم أن المفتري هو الذي يكذب بآيات الله، ويقول: إنه افتراء، ومعلم من البشر، أي: تكذيبها على الوجه المذكور هو الافتراء على الحقيقة; لأن حقيقته الكذب، والحكم بأن ما هو كلامه تعالى ليس بكلامه تعالى في كونه كذبا، وافتراء. كالحكم بأن ما ليس بكلامه تعالى كلامه تعالى، والتصريح بالكذب للمبالغة في بيان قبحه. وصيغة المضارع لرعاية المطابقة بينه وبين ما هو عبارة عنه، أعني قوله: لا يؤمنون. وقيل: المعنى إنما يفتري الكذب، ويليق ذلك بمن لا يؤمن بآيات الله; لأنه لا يتقرب عقابا عليه ليرتدع عنها. وأما من يؤمن بها، ويخاف ما نطقت به من العقاب فلا يمكن أن يصدر عنه افتراء البتة. وأولئك الموصوفون بما ذكر من عدم الإيمان بآيات الله هم الكاذبون على الحقيقة، أو الكاملون في الكذب إذ لا كذب أعظم من تكذيب آياته تعالى، والطعن فيها بأمثال هاتيك الأباطيل، والسر في ذلك أن الكذب الساذج الذي هو عبارة عن الإخبار بعدم وقوع ما هو واقع في نفس الأمر بخلق الله تعالى، أو بوقوع ما لم يقع كذلك مدافعة لله تعالى في فعله فقط، والتكذيب مدافعة له سبحانه في فعله وقوله المنبئ عنه معا، أو الذين عادتهم الكذب لا يزعهم عنه وازع من دين أو مروءة. وقيل: الكاذبون في قولهم: إنما أنت مفتر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية