الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن الذين كفروا [25]

                                                                                                                                                                                                                                        اسم "إن" و(كفروا) صلته (ويصدون) عطف على الذين كفروا. فإن قيل: كيف يعطف مستقبل على ماض؟ ففيه ثلاثة أوجه: منها أن يكون عطف جملة على جملة، ومنها أن يكون في موضع الحال، كما تقول: كلمت زيدا.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 93 ] وهو جالس، وقال أبو إسحاق: هو معطوف على المعنى لأن المعنى إن الكافرين والصادين عن المسجد الحرام. وفي خبر "إن" ثلاثة أوجه أصحها أن يكون محذوفا، ويكون المعنى: إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله هلكوا، وقيل: المعنى إن الذين كفروا يصدون عن سبيل الله والواو مقحمة. قال أبو جعفر: في كتابي عن أبي إسحاق قال: وجائز أن يكون وهو وجه الخبر نذقه من عذاب أليم قال أبو جعفر: هذا غلط، ولست أعرف ما الوجه فيه؛ لأنه جاء بخبر إن جزما، وأيضا فإنه جواب الشرط، ولو كان خبرا لبقي الشرط بلا جواب ولا سيما والفعل الذي للشرط مستقبل فلا بد له من جواب. الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد فيه ثلاثة أوجه من القراءات: قراءة العامة برفع "سواء" و"العاكف" و"البادي"، وعن أبي الأسود الدؤلي أنه قرأ (سواء العاكف فيه والبادي) بنصب "سواء" ورفع "العاكف" و"البادي"، وتروى هذه القراءة عن الأعمش باختلاف عنه، والوجه الثالث (الذي جعلناه للناس سواءا) منصوبة منونة (العاكف) فيه بالخفض. فالقراءة الأولى فيها ثلاثة أوجه يكون الذي جعلناه للناس من تمام الكلام ثم تقول سواء فترفعه بالابتداء، وخبره العاكف فيه والبادي، والوجه الثاني أن ترفع "سواء" على خبر العاكف، وتنوي به التأخير أي العاكف فيه والبادي سواء، والوجه الثالث أن تكون الهاء التي في جعلناه مفعولا أول وسواء العاكف فيه والبادي سواء في موضع المفعول الثاني، كما تقول: ظننت زيدا أبوه خارج ومن هذا الوجه تخرج قراءة من قرأ بالنصب "سواء: يجعله مفعولا ثانيا، ويكون العاكف فيه رفعا إلا أن الاختيار في مثل هذا عند سيبويه الرفع؛ لأنه ليس جاريا على الفعل والقراءة الثالثة على أن ينصب "سواء" لأنه مفعول ثان ويخفض [ ص: 94 ] "العاكف" لأنه نعت للناس، والتقدير الذي جعلناه للناس العاكف فيه والبادي سواء ومن يرد فيه بإلحاد بظلم شرط وجوابه نذقه من عذاب أليم وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم" قال: الشرك. وقال عطاء: الشرك والقتل، وقد ذكرنا هذه الآية.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية