الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون

                                                                                                                                                                                                                                      فكلوا مما رزقكم الله ؟ مفرع على نتيجة التمثيل، وصد لهم عما يؤدي إلى مثل عاقبته، والمعنى: وإذ قد استبان لكم حال من كفر بأنعم الله، وكذب رسوله، وما حل بهم بسبب ذلك من اللتيا والتي أولا وآخرا فانتهوا عما أنتم عليه من كفران النعم وتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم كيلا يحل بكم مثل ما حل بهم، واعرفوا حق نعم الله تعالى، وأطيعوا رسوله صلى الله عليه وسلم في أمره ونهيه، وكلوا من رزق الله حال كونه، حلالا طيبا ، وذروا ما تفترون من تحريم البحائر، ونحوها: واشكروا نعمت الله ، واعرفوا حقها، ولا تقابلوها بالكفران و "الفاء" في المعنى داخلة على الأمر بالشكر، وإنما أدخلت على الأمر بالأكل لكون الأكل ذريعة إلى الشكر، فكأنه قيل: فاشكروا نعمة الله غب أكلها حلالا طيبا، وقد أدمج فيه النهي عن زعم الحرمة، ولا ريب في أن هذا إنما يتصور حين كان العذاب المستأصل متوقعا بعد، وقد تمهدت مبادئه، وبعدما وقع ما وقع فمن ذا الذي يحظر، ومن ذا الذي يؤمر بالأكل والشكر، وحمل قوله تعالى: فأخذهم العذاب وهم ظالمون على الإخبار بذلك قبل الوقوع يأباه التصدي لاستصلاحهم بالأمر، والنهي، وتوجيه خطاب الأمر بالأكل إلى المؤمنين [ ص: 147 ] مع أن ما يتلوه من خطاب النهي متوجه إلى الكفار كما فعله الواحدي، حيث قال: فكلوا أنتم يا معشر المؤمنين مما رزقكم الله من الغنائم مما لا يليق بشأن التنزيل الجليل. إن كنتم إياه تعبدون أي: تطيعون، أو إن صح زعمكم أنكم تقصدون بعبادة الآلهة عبادته تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية