الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون . إلا الذي فطرني فإنه سيهدين . وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون . بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين . ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إنني براء قال الزجاج : البراء بمعنى البريء، والعرب تقول للواحد: أنا البراء منك، وكذلك للاثنين والجماعة، وللذكر والأنثى، يقولون: نحن البراء منك والخلاء منك، لا يقولون: نحن البراءان منك، ولا البراءون منك، وإنما المعنى: أنا ذو البراء منك، ونحن ذوو البراء منك، [ ص: 310 ] كما يقال: رجل عدل، وامرأة عدل . وقد بينا استثناء إبراهيم ربه عز وجل مما يعبدون عند قوله: إلا رب العالمين [الشعراء: 77] .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وجعلها يعني كلمة التوحيد، وهي "لا إله إلا الله" كلمة باقية في عقبه أي: فيمن يأتي بعده من ولده، فلا يزال فيهم موحد لعلهم يرجعون إلى التوحيد كلهم إذا سمعوا أن أباهم تبرأ من الأصنام ووحد الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر نعمته على قريش فقال: بل متعت هؤلاء وآباءهم والمعنى: إني أجزلت لهم النعم ولم أعاجلهم بالعقوبة حتى جاءهم الحق وهو القرآن ورسول مبين وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فكان ينبغي لهم أن يقابلوا النعم بالطاعة للرسول، فخالفوا .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما جاءهم يعني قريشا في قول الأكثرين . وقال قتادة: هم اليهود . والحق القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية