الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب نكاح المريض

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ويجوز للمريض أن ينكح جميع ما أحل الله تعالى أربعا وما دونهن كما يجوز له أن يشتري ، فإذا أصدق كل واحدة منهن صداق مثلها جاز لها من جميع المال وأيتهن زاد على صداق مثلها فالزيادة محاباة فإن صح قبل أن يموت جاز لها من جميع المال ، وإن مات قبل أن يصح بطلت عنها الزيادة على صداق مثلها وثبت النكاح وكان لها الميراث .

( قال الشافعي ) أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع مولى ابن عمر أنه قال : كانت ابنة حفص بن المغيرة عند عبد الله بن أبي ربيعة فطلقها تطليقة ، ثم إن عمر بن الخطاب تزوجها بعده فحدث أنها عاقر لا تلد فطلقها قبل أن يجامعها فمكثت حياة عمر وبعض خلافة عثمان بن عفان ثم تزوجها عبد الله بن أبي ربيعة ، وهو مريض لتشرك نساءه في الميراث وكان بينها وبينه قرابة .

أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج [ ص: 109 ] عن عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة بن خالد يقول أراد عبد الرحمن بن أم الحكم في شكواه أن يخرج امرأته من ميراثها منه فأبت فنكح عليها ثلاث نسوة وأصدقهن ألف دينار كل امرأة منهن فأجاز ذلك عبد الملك بن مروان وشرك بينهن في الثمن .

( قال الشافعي ) أرى ذلك صداق مثلهن ، ولو كان أكثر من صداق مثلهن لجاز النكاح وبطل ما زادهن على صداق مثلهن إذا مات من مرضه ذلك ; لأنه في حكم الوصية والوصية لا تجوز لوارث .

( قال الشافعي ) وبلغنا أن معاذ بن جبل قال في مرضه الذي مات فيه زوجوني لا ألقى الله تبارك وتعالى وأنا عزب .

( قال ) وأخبرني سعيد بن سالم أن شريحا قضى في نكاح رجل نكح عند موته فجعل الوارث والصداق في ماله .

( قال الشافعي ) ولو نكح المريض فزاد المنكوحة على صداق مثلها ، ثم صح ، ثم مات جازت لها الزيادة ; لأنه قد صح قبل أن يموت ، فكان كمن ابتدأ نكاحا ، وهو صحيح ، ولو كانت المسألة بحالها ، ثم لم يصح حتى ماتت المنكوحة فصارت غير وارث كان لها جميع ما أصدقها صداق مثلها من رأس المال والزياد من الثلث كما يكون ما وهب لأجنبية فقبضته من الثلث فما زاد من صداق المرأة على الثلث إذا ماتت مثل الموهوب المقبوض .

( قال الشافعي ) ولو كانت المسألة بحالها والمتزوجة ممن لا ترث بأن تكون ذمية ، ثم مات وهي عنده جاز لها جميع الصداق صداق مثلها من جميع المال والزيادة على صداق مثلها من الثلث ; لأنها غير وارث ، ولو أسلمت فصارت وارثا بطل عنها ما زاد على صداق مثلها

التالي السابق


الخدمات العلمية