الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وأعلم الله - عز وجل - أن الوقت الذي يرون فيه الملائكة هو يوم القيامة؛ وأن الله قد حرمهم البشرى في ذلك الوقت؛ فقال: يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ؛ " يوم يرون " ؛ منصوب على وجهين؛ أحدهما على معنى: " لا بشرى تكون للمجرمين يوم يرون الملائكة " ؛ و " يومئذ " ؛ هو مؤكد لـ " يوم يرون الملائكة " ؛ ولا يجوز أن يكون منصوبا بقوله: " لا بشرى " ؛ لأن ما اتصل بـ " لا " ؛ لا يعمل فيما قبلها؛ ولكن لما قيل: " لا بشرى للمجرمين " ؛ بين في أي يوم ذلك؛ فكأنه قيل: " يمنعون البشرى يوم يرون الملائكة؛ وهو يوم القيامة " ؛ ويقولون حجرا محجورا ؛ وقرئت: " حجرا " ؛ بضم الحاء؛ والمعنى: " وتقول الملائكة: حجرا محجورا " ؛ أي: " حراما محرما عليهم البشرى " ؛ وأصل " الحجر " ؛ في اللغة: ما حجرت عليه؛ أي: ما منعت من أن يوصل إليه؛ وكل ما منعت منه فقد حجرت عليه؛ وكذلك حجر القضاة على الأيتام؛ إنما هو منعهم إياهم عن التصرف في أموالهم؛ وكذلك " الحجرة " ؛ التي ينزلها الناس؛ هو ما حوطوا عليه؛ ويجوز أن يكون " يوم " ؛ [ ص: 64 ] منصوبا على معنى: " اذكر يوم يرون الملائكة " ؛ ثم أخبر فقال: لا بشرى يومئذ للمجرمين ؛ و " المجرمون " : الذين اجترموا الذنوب؛ وهم في هذا الموضع الذين اجترموا الكفر بالله - عز وجل.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية