الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أتم النهي عن هذين الأمرين المتحدين في وصف الفحش؛ وفي السبب؛ على تقدير؛ وفي إهلاك الولد بالقتل؛ وما في معناه؛ أتبعهما مطلق القتل؛ الذي من أسبابه تحصيل المال؛ فقال (تعالى): ولا تقتلوا النفس ؛ أي: بسبب ما جعل خالقها لها من النفاسة؛ التي حرم الله ؛ أي: الملك الأعلى؛ الذي له الأمر كله؛ بالإسلام؛ أو العهد؛ إلا بالحق ؛ أي: بأمر يحل الله به تلك الحرمة التي كانت؛ فصارت الأسباب المنهي عنها بتحريم مسبباتها منع الموجود بخلا؛ ثم بذله إسرافا؛ ثم تحصيل المفقود بغيا; ثم عطف على ما أفهم السياق تقديره؛ وهو: "فمن قتل نفسا بغير حق؛ فقد عصى الله؛ ورسوله"؛ ومن قتل ؛ أي: وقع قتله من أي قاتل كان؛ مظلوما ؛ أي: بأي ظلم كان؛ من غير أن يرتكب إحدى ثلاث: الكفر؛ والزنا بعد الإحصان؛ وقتل المؤمن عمدا؛ عدوانا؛ فقد جعلنا ؛ أي: بما لنا من العظمة؛ لوليه ؛ أي: سواء كان قريبا؛ أو سلطانا؛ سلطانا ؛ أي: أمرا متسلطا؛ فلا يسرف الولي؛ أو فلا تسرف أيها الولي؛ في القتل ؛ بقتل غير القاتل؛ ولا يزد على حقه بوجه؛ إنه ؛ أي: القتيل؛ كان منصورا [ ص: 411 ] في الدنيا؛ بما جبل الله في الطباع من فحش القتل؛ وكراهة كل أحد له؛ وبغض القاتل؛ والنفرة منه؛ والأخذ على يده؛ وفي الآخرة بأخذ حقه منه من غير ظلم؛ ولا غفلة؛ فمن وثق بذلك ترك الإسراف؛ فإنه لخوف الفوت؛ أو للتخويف من العود.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية