الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما نهى عن الإغارة على الأرواح؛ والأبضاع؛ التي هي سببها؛ أتبعه النهي عن نهب ما هو عديلها؛ لأن به قوامها؛ وهو الأموال؛ وبدأ بأحق ذلك؛ بالنهي لشدة الطمع فيه؛ لضعف مالكه؛ فقال (تعالى): ولا تقربوا ؛ أي: فضلا عن أن تأكلوا مال اليتيم ؛ فعبر بالقربان؛ الذي هو قبل الأخذ تعظيما للمقام؛ إلا بالتي هي أحسن ؛ من طرائق القربان؛ وهو التصرف فيه بالغبطة؛ تثميرا لليتيم؛ حتى يبلغ ؛ اليتيم؛ أشده ؛ وهو إيناس الرشد منه؛ بعد بلوغه.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانت الوصية نوعا من أنواع العهد؛ أمر بوفاء ما هو أعم منها؛ فقال (تعالى): وأوفوا ؛ أي: أوقعوا هذا الجنس في الزمان؛ والمكان؛ وكل ما يتوقف عليه الأمر المعاهد عليه؛ ويتعلق به؛ بالعهد [ ص: 412 ] أي: بسببه؛ ليتحقق الوفاء به؛ ولا يحصل فيه نقص ما؛ وهو العقد الذي يقدم للتوثق.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان العلم بالنكث؛ والوفاء؛ متحققا؛ كان العهد نفسه كأنه هو المسؤول عن ذلك؛ فيكون رقيبا على الفاعل به؛ فقال (تعالى) - مرهبا من المخالفة -: إن العهد كان ؛ أي: كونا مؤكدا؛ عنه؛ مسؤولا ؛ أي: عن كل من عاهد؛ هل وفى به؟ أو مسؤولا عنه من كل من يتأتى منه السؤال.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية