الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم

                                                                                                                                                                                                                                        ( وألق عصاك ) عطف على ( بورك ) أي نودي أن بورك من في النار و ( أن ألق عصاك ) ، ويدل عليه قوله ( وأن ألق عصاك ) بعد قوله ( أن يا موسى إني أنا الله ) بتكرير أن . ( فلما رآها تهتز ) تتحرك باضطراب .

                                                                                                                                                                                                                                        ( كأنها جان ) حية خفيفة سريعة ، وقرئ «جأن » على لغة من جد في الهرب من التقاء الساكنين . ( ولى مدبرا ولم يعقب ) ولم يرجع من عقب المقاتل إذا كر بعد الفرار ، وإنما رعب لظنه أن ذلك الأمر أريد به ويدل عليه قوله : ( يا موسى لا تخف ) أي من غيري ثقة بي أو مطلقا لقوله : ( إني لا يخاف لدي المرسلون ) أي حين يوحى إليهم من فرط الاستغراق فإنهم أخوف الناس أي من الله تعالى ، أو لا يكون لهم عندي سوء عاقبة فيخافون منه .

                                                                                                                                                                                                                                        ( إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم ) استثناء منقطع استدرك به ما يختلج في الصدر من نفي الخوف عن كلهم ، وفيهم من فرطت منه صغيرة فإنهم وإن فعلوها أتبعوا فعلها ما يبطلها ويستحقون به من الله مغفرة ورحمة فإنه لا يخاف أيضا ، وقصد تعريض موسى بوكزه القبطي . وقيل متصل وثم بدل مستأنف معطوف على محذوف أي من ظلم ثم بدل ذنبه بالتوبة .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 156 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية