الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( ألم نجعل الأرض مهادا ( 6 ) والجبال أوتادا ( 7 ) وخلقناكم أزواجا ( 8 ) وجعلنا نومكم سباتا ( 9 ) وجعلنا الليل لباسا ( 10 ) وجعلنا النهار معاشا ( 11 ) وبنينا فوقكم سبعا شدادا ( 12 ) وجعلنا سراجا وهاجا ( 13 ) وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ( 14 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( ألم نجعل الأرض مهادا ) فراشا . [ ص: 312 ] ( والجبال أوتادا ) للأرض حتى لا تميد . ( وخلقناكم أزواجا ) أصنافا ذكورا وإناثا . ( وجعلنا نومكم سباتا ) أي راحة لأبدانكم . قال الزجاج : " السبات " أن ينقطع عن الحركة والروح فيه . وقيل : معناه جعلنا نومكم قطعا لأعمالكم ، لأن أصل السبت : القطع . ( وجعلنا الليل لباسا ) غطاء وغشاء يستر كل شيء بظلمته . ( وجعلنا النهار معاشا ) المعاش : العيش ، وكل ما يعاش فيه فهو معاش ، أي جعلنا النهار سببا للمعاش والتصرف في المصالح . قال [ ابن عباس ] يريد : تبتغون فيه من فضل الله ، وما قسم لكم من رزقه . ( وبنينا فوقكم سبعا شدادا ) يريد سبع سماوات . ( وجعلنا سراجا ) [ يعني الشمس ] ( وهاجا ) مضيئا منيرا . قال الزجاج : الوهاج : الوقاد . قال مقاتل : جعل فيه نورا وحرارة ، والوهج يجمع النور والحرارة . ( وأنزلنا من المعصرات ) قال مجاهد ، وقتادة ، ومقاتل ، والكلبي : يعني الرياح التي تعصر السحاب ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الأزهري : هي الرياح ذوات الأعاصير ، فعلى هذا التأويل تكون " من " بمعنى الباء أي بالمعصرات ، وذلك أن الريح تستدر المطر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو العالية ، والربيع ، والضحاك : المعصرات هي السحاب وهي رواية الوالبي عن ابن عباس . [ ص: 313 ]

                                                                                                                                                                                                                                      قال الفراء : [ المعصرات السحائب ] [ التي ] تتحلب بالمطر ولا تمطر ، كالمرأة المعصر هي التي دنا حيضها ولم تحض .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن كيسان : هي المغيثات من قوله فيه يغاث الناس وفيه يعصرون

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن ، وسعيد بن جبير ، وزيد بن أسلم ، ومقاتل بن حيان : من المعصرات أي من السماوات .

                                                                                                                                                                                                                                      ( ماء ثجاجا ) أي صبابا ، وقال مجاهد : مدرارا . وقال قتادة : متتابعا يتلو بعضه بعضا . وقال ابن زيد : كثيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية