الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 346 - 347 ] باب الأذان :



284 - ( 1 ) - حديث : { أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين وأسقط الأذان من الثانية . }هذا مستفاد من حديث جابر الطويل عند مسلم في صفة الحج ، ففيه : { أنه خطب بعرفة ، ثم أذن ، ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما }.

وروى أبو داود من حديث ابن عمر : { جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء ، بجمع بإقامة واحدة لكل صلاة ، ولم يناد في الأولى }. وفي رواية : { أنه لم يناد بينهما ولا على إثر واحدة منهما إلا بالإقامة }وأصله في الصحيحين ، وفي رواية للشافعي : { لم يناد في واحدة منهما إلا بإقامة }. وفي البخاري : { جمع بجمع ، كل واحدة منهما بإقامة }. ولم يذكر الأذان ، وفي رواية مسلم : { أنه بإقامة واحدة }. أخرجه من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، لكن بين أبو داود في روايته أن قوله : بإقامة واحدة ; أي لكل صلاة ، ورواه أبو الشيخ الأصبهاني ، من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، والمحفوظ عن ابن عمر ، وذكر الطبري في تهذيب الآثار : { أنه صلاهما بإقامة واحدة }من حديث ابن مسعود وأبي بن كعب ، وخزيمة بن ثابت وأسامة بن زيد ، وابن عمر أيضا . قلت : هو مما اختلف فيه عن ابن عمر ، وأسامة ، وابن مسعود ، فإن حديث أسامة متفق عليه بلفظ : { فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ، ثم أقيمت [ ص: 348 ] العشاء فصلاها ولم يصل بينهما } ، وحديث ابن مسعود في البخاري : { أنه صلاهما بأذانين وإقامتين }.

285 - ( 2 ) - حديث : { صلوا كما رأيتموني أصلي ، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم }متفق عليه من حديث مالك بن الحويرث بألفاظ مختلفة ، واللفظ المذكور هنا للبخاري في كتاب الأذان ، وزاد في أوله قصة : وفي آخره : { ثم ليؤمكم أكبركم }.

286 - ( 3 ) - حديث : { أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي سعيد الخدري : إنك رجل تحب الغنم والبادية ، فإذا دخل وقت الصلاة فأذن وارفع صوتك ، فإنه لا يسمع صوتك حجر ولا شجر ولا مدر إلا شهد لك يوم القيامة } ، هذا السياق تبع فيه الغزالي والإمام ، والقاضي الحسين والماوردي ، وابن داود شارح المختصر ، وهو مغاير لما في صحيح البخاري والموطأ . وغيرهما من كتب الحديث ، ففيها عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري أنه قال له : { إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك وباديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء ، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة }قال أبو سعيد : سمعته من رسول الله [ ص: 349 ] صلى الله عليه وسلم ، وكذا رواه الشافعي عن مالك ، وتعقبه الشيخ محيي الدين ، وبالغ كعادته ، وأجاب ابن الرفعة عن هؤلاء الأئمة الذين أوردوه مغيرا بأنهم لعلهم فهموا أن قول أبي سعيد : هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عائد إلى كل ما ذكره ، يكون تقديره : سمعت كل ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فحينئذ يصح ما أوردوه باعتبار المعنى لا بصورة اللفظ ، ولا يخفى ما في هذا الجواب من الكلفة ، والرافعي أورده دالا على استحباب أذان المنفرد ، وهو خلاف ما فهمه النسائي ، والبيهقي ، فإنهما ترجما عليه الثواب على رفع الصوت ، كذا قيل ، وفيه نظر ، لأنه لا يلزم من الترجمة على بعض مدلولات الحديث ، ألا يكون فيه شيء آخر ، وقد روى النسائي من حديث عقبة بن عامر مرفوعا : { يعجب ربك من راعي غنم في رأس شظية ، يؤذن بالصلاة ويصلي ، فيقول الله : انظروا إلى عبدي }الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية