الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ خبل ] خبل : الخبل ، بالتسكين : الفساد . ابن سيده : الخبل فساد الأعضاء حتى لا يدري كيف يمشي فهو متخبل خبل مختبل . وبنو فلان يطالبون بني فلان بدماء وخبل أي بقطع أيد وأرجل والجمع خبول ; عن ابن جني . ويقال : لنا في بني فلان دماء وخبول ، فالخبول قطع الأيدي والأرجل . وقال رجل من العرب : إن لنا في بني فلان خبلا في الجاهلية أي قطع أيد وأرجل وجراحات ، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( من أصيب بدم أو خبل ) ; الخبل : الجراح ; أي من أصيب بقتل نفس أو قطع عضو فهو بالخيار بين إحدى ثلاث فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه بين أن يقتص أو يأخذ العقل أو يعفو ، فمن قبل من ذلك شيئا ثم عدا بعد ذلك فقتل فله النار خالدا فيها مخلدا . ويقال : خبل الحب قلبه إذا أفسده بخبلة . ابن الأعرابي : الخبلة الفساد من جراحة أو كلمة . ورجل مخبل : كأنه قد قطعت أطرافه . والخبل ، بالجزم : قطع اليد أو الرجل . ابن الأعرابي : الخبل ، بالتحريك ، الجن والخبل الإنس والخبل الجراحة والخبل المزادة والخبل جودة الحمق بلا جنون والخبل القربة الملأى . وخبلت يده إذا شلت . والخبل في عروض البسيط والرجز : ذهاب السين والتاء من مستفعلن ، مشتق من الخبل الذي هو قطع اليد ; قال أبو إسحاق : لأن الساكن كأنه يد السبب فإذا حذف الساكنان صار الجزء كأنه قطعت يداه فبقي مضطربا ، وقد خبل الجزء وخبله . وأصابه خبل أي فالج وفساد أعضاء وعقل . والخبل ، بالتحريك : الجن وهم الخابل ، وقيل : الخابل الجن ، والخبل اسم الجمع كالقعد والروح اسمان لجمع قاعد ورائح ، وقيل : هو جمع ; قال ابن بري : ومنه قول حاتم الطائي :


                                                          ولا تقولي لشيء كنت مهلكه مهلا ! ولو كنت أعطي الجن والخبلا



                                                          قال : الخبل ضرب من الجن يقال لهم الخابل ، أي لا تعذليني في مالي ولو كنت أعطيه الجن ومن لا يثني علي ; قال : وأما قول مهلهل :


                                                          لو كنت أقتل جن الخابلين كما     أقتل بكرا لأضحى الجن قد نفدوا



                                                          نفد ينفد : فني . قال الله تعالى : لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي . ونفذ ينفذ خرج . قال الله تعالى : فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان . والخابلان : الليل والنهار لأنهما لا يأتيان على أحد إلا خبلاه بهرم . والخابل : الشيطان . والخابل : المفسد . والخبال : الفساد . وفي حديث ابن مسعود : أن قوما بنوا مسجدا بظهر الكوفة فأتاهم وقال : جئت لأكسر مسجد الخبال ، فكسره ثم رجع ; قال شمر : الخبال والخبل الفساد والحبس والمنع . وفي الحديث : وبطانة لا تألوه خبالا أي لا تقصر في إفساد أمره . وقالوا : خبل خابل ، يذهبون إلى المبالغة ; قال معقل بن خويلد :


                                                          ندافع قوما مغضبين عليكم     فعلتم بهم خبلا من الشر خابلا



                                                          والخبل والخبل والخبل والخبال : الجنون . ويقال : به خبال أي مس ، وبه خبل أي شيء من أهل الأرض . وقال الليث : الخبل جنون أو شبهه في القلب . ورجل مخبول وبه خبل وهو مخبل : لا فؤاد معه . ابن الأعرابي : المخبل المجنون ، وبه سمي المخبل الشاعر وهو المختبل ; قال الشاعر :


                                                          وأراني طربا في إثرهم     طرب الواله أو كالمختبل



                                                          المختبل : الذي اختبل عقله أي جن . وقد خبله الحزن واختبله وخبل خبالا ، فهو أخبل وخبل . ودهر خبل : ملتو على أهله لا يرون فيه سرورا . التهذيب : وقد خبله الدهر والحزن والشيطان والحب والداء خبلا ; وأنشد :


                                                          يكر عليه الدهر حتى يرده     دوى شنجته جن دهر وخابله



                                                          ومن أمثالهم : عاد غيث على ما خبل أي أفسد . وقد خبله وخبله واختبله إذا أفسد عقله وعضوه . والخبال : النقصان ، وهو الأصل ، ثم سمي الهلاك خبالا ; واستعاره بعض الشعراء للدلو فقال يصفها :


                                                          أخذمت أم وذمت أم ما لها     أم صادفت في قعرها خبالها



                                                          وقد تقدمت جبالها ، بالجيم ، يعني ما أفسدها وخرقها . الفراء : الخبال أن تكون البئر متلجفة فربما دخلت الدلو في تلجيفها فتتخرق . والخبال : عصارة أهل النار . ابن الأعرابي : الخبال السم القاتل . وفي الحديث : ( من شرب الخمر سقاه الله من طينة الخبال يوم القيامة ) ; جاء في تفسيره أن الخبال عصارة أهل النار . والخبال في الأصل : الفساد ، ويكون في الأفعال والأبدان والعقول . وطينة الخبال : ما سال من جلود أهل النار . وفي الحديث : ( من أكل الربا أطعمه الله من طينة الخبال يوم القيامة ) . وأما الذي في الحديث : من قفا مؤمنا بما ليس فيه وقفه الله تعالى في ردغة الخبال حتى يجيء بالمخرج منه ، فيقال : هو صديد أهل النار ; قوله قفا أي قذف ، والردغة الطينة ، وفلان خبال [ ص: 16 ] على أهله أي عناء . وقوله في التنزيل العزيز : لا يألونكم خبالا ; قال الزجاج : الخبال الفساد وذهاب الشيء ; وأنشد بيت أوس :


                                                          أبني لبينى لستم بيد     إلا يدا مخبولة العضد



                                                          وقال ابن الأعرابي : أي لا يقصرون في فسادكم . وفي الحديث : بين يدي الساعة خبل أي فساد الفتنة والهرج والقتل . والخبل : الفساد في الثمر . وفي الحديث : أن الأنصار شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رجلا صاحب خبل يأتي إلى نخلهم فيفسد ، أي صاحب فساد . والخبل : فساد في القوائم . واختبلت الدابة : لم تثبت في موطئها . والإخبال : أن يعطى الرجل البعير أو الناقة ليركبها ويجتز وبرها وينتفع بها ثم يردها ، يقال منه : أخبلت الرجل أخبله إخبالا . واستخبل الرجل إبلا وغنما فأخبله : استعار منه ناقة لينتفع بألبانها وأوبارها أو فرسا يغزو عليه فأعاره ، وهو مثل الإكفاء ; قال زهير :


                                                          هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا     وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا



                                                          والإكفاء أن يعطيه الناقة لينتفع بلبنها ووبرها وما تلده في عامها والإخبال مثل الإكفاء في اللبن والوبر دون الولد ذكره ابن بري وروى بيت لبيد في صفة الفرس :

                                                          غير طويل المختبل



                                                          بالخاء المعجمة من هذا أي غير طويل مدة العارية ، ومن قال غير طويل المحتبل ، بالحاء المهملة ، أراد أنه غير طويل الرسغ ، وهو موضع الحبل من يده ; وقال الليث : مختبله قوائمه واختبالها أن لا تثبت في مواطئها . والخبل في كل شيء : القرض والاستعارة . والخبل : ما زدته على شرطك الذي يشترطه لك الجمال . وخبل الرجل عن كذا وكذا يخبله خبلا : عقله وحبسه ومنعه . وما خبلك عنا خبلا أي ما حبسك ; قال الشاعر :


                                                          فيرى كذلك أن يفرد راكب     أبدا وما خبل الرياح الخابل



                                                          والله سبحانه وتعالى خابل الرياح أي حابسها ، فإذا شاء - عز وجل - أرسلها . والمخبل من الوجع : الذي يمنعه وجعه من الانبساط في المشي . والخبل : طائر يصيح الليل كله صوتا واحدا يحكي ماتت خبل . والمخبل : شاعر من بني سعد . ومخبل ، بكسر الباء : اسم الدهر ; قال الحارث بن حلزة :


                                                          فضعي قناعك إن ري     ب مخبل أفنى معدا



                                                          والخبال الذي في شعر لبيد : اسم فرس ; قال ابن بري يعني قول لبيد :


                                                          تكاثر قرزل والجون فيها     وتحجل والنعامة والخبال



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية