nindex.php?page=treesubj&link=20645ويقابل الصحة البطلان فيأتي في تفسيره الخلاف السابق ، فمن
[ ص: 25 ] قال : الصحة وقوع الفعل كافيا في إسقاط القضاء قال : البطلان هو وقوعه غير كاف لإسقاط القضاء ، ومن قال الصحة موافقة الأمر قال : البطلان مخالفته فعلى هذا لو
nindex.php?page=treesubj&link=20649_24093صلى المتطهر يظن أنه محدث وجب القضاء على القولين ، لكن عند
المتكلمين لكونها باطلة بالمخالفة ، وعند الفقهاء لفوات الشرط ، وهو العلم بوجود الطهارة . والفاسد والباطل عندنا مترادفان ، فكل فاسد باطل وعكسه . وعند الحنفية يفترقان فرق الأعم والأخص كالحيوان والإنسان ، إذ كل باطل فاسد وليس كل فاسد باطلا . فقالوا : الباطل ما لا ينعقد بأصله كبيع الحر ، والفاسد ما لا ينعقد دون أصله كعقد الربا فإنه مشروع من حيث إنه بيع ، وممنوع من حيث إنه عقد ربا . والبيع الفاسد عندهم يشارك الصحيح في إفادة الملك إذا اتصل بالقبض فجعلوا الفاسد رتبة متوسطة بين الصحيح والباطل ، وهو نظير مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ . وعندنا لا فرق بين الباطل والفاسد بل هو سواء في المعنى والحكم ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأصحابه .
وما ذهب إليه الحنفية فساده ظاهر من جهة النقل ، فإن مقتضاه أن يكون الفاسد هو الموجود على نوع من الخلل ، والباطل هو الذي لا تثبت حقيقته بوجه ، وقد قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } فسمى السماوات والأرض فاسدة عند تقدير الشريك ووجوده . ودليل التمانع يقتضي أن العالم على تقدير الشريك ،
[ ص: 26 ] ووجوده ، يستحيل وجوده ، لحصول التمانع لا أنه يكون موجودا على نوع من الخلل ، فقد سمى الله تعالى الذي لا تثبت حقيقته بوجه ، فاسدا وهو خلاف ما قالوا في التفرقة ، فإن كان مأخذهم في التفريق بمجرد الاصطلاح فهم مطالبون بمستند شرعي يقتضي اختلاف الحكم المرتب عليهما .
قلت : قد تقدم أمور في تفرقتهم بين الفرض والواجب ينبغي أن يتعرض بمثلها هنا .
وأما المالكية فتوسطوا بين القولين ، ولم يفرقوا بين الباطل والفاسد في التسمية ، ولكنهم قالوا : البيع الفاسد يفيد شبهة الملك فيما يقبل الملك ، فإذا لحقه أحد أربعة أشياء يقدر الملك بالقيمة وهي حوالة الأسواق ، وتلف العين ونقصانها ، وتعلق حق الغير بها على تفصيل لهم في ذلك . وقال
الإمام في التلخيص " نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه قال في تحديد الفاسد : هو كل فعل محرم يقصد به التوصل إلى استباحة ما جعل الشرع أصله على التحريم . ثم أورد عليه
الإمام العقد في وقت تضيق الصلاة ، فإن المتلفظ بالعقد تارك لتكبيرة الإحرام ، وترك التكبيرة محرم فهذا محرم توصل به إلى استباحة الأملاك والأبضاع ; وأصولها على الحظر مع أنه ليس بفاسد .
nindex.php?page=treesubj&link=20645وَيُقَابِلُ الصِّحَّةَ الْبُطْلَانُ فَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ ، فَمَنْ
[ ص: 25 ] قَالَ : الصِّحَّةُ وُقُوعُ الْفِعْلِ كَافِيًا فِي إسْقَاطِ الْقَضَاءِ قَالَ : الْبُطْلَانُ هُوَ وُقُوعُهُ غَيْرُ كَافٍ لِإِسْقَاطِ الْقَضَاءِ ، وَمَنْ قَالَ الصِّحَّةُ مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ قَالَ : الْبُطْلَانُ مُخَالَفَتُهُ فَعَلَى هَذَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=20649_24093صَلَّى الْمُتَطَهِّرُ يَظُنُّ أَنَّهُ مُحْدِثٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ، لَكِنْ عِنْدَ
الْمُتَكَلِّمِينَ لِكَوْنِهَا بَاطِلَةً بِالْمُخَالَفَةِ ، وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِوُجُودِ الطَّهَارَةِ . وَالْفَاسِدُ وَالْبَاطِلُ عِنْدَنَا مُتَرَادِفَانِ ، فَكُلُّ فَاسِدٍ بَاطِلٌ وَعَكْسُهُ . وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَفْتَرِقَانِ فَرْقَ الْأَعَمِّ وَالْأَخَصِّ كَالْحَيَوَانِ وَالْإِنْسَانِ ، إذْ كُلُّ بَاطِلٍ فَاسِدٌ وَلَيْسَ كُلُّ فَاسِدٍ بَاطِلًا . فَقَالُوا : الْبَاطِلُ مَا لَا يَنْعَقِدُ بِأَصْلِهِ كَبَيْعِ الْحُرِّ ، وَالْفَاسِدُ مَا لَا يَنْعَقِدُ دُونَ أَصْلِهِ كَعَقْدِ الرِّبَا فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بَيْعٌ ، وَمَمْنُوعٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَقْدُ رِبًا . وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ عِنْدَهُمْ يُشَارِكُ الصَّحِيحَ فِي إفَادَةِ الْمِلْكِ إذَا اتَّصَلَ بِالْقَبْضِ فَجَعَلُوا الْفَاسِدَ رُتْبَةً مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْبَاطِلِ ، وَهُوَ نَظِيرُ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=13974الْجَاحِظِ . وَعِنْدَنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ بَلْ هُوَ سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى وَالْحُكْمِ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ وَأَصْحَابُهُ .
وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ فَسَادُهُ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ الْفَاسِدُ هُوَ الْمَوْجُودُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْخَلَلِ ، وَالْبَاطِلُ هُوَ الَّذِي لَا تَثْبُتُ حَقِيقَتُهُ بِوَجْهٍ ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } فَسَمَّى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَاسِدَةً عِنْدَ تَقْدِيرِ الشَّرِيكِ وَوُجُودِهِ . وَدَلِيلُ التَّمَانُعِ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَالَمَ عَلَى تَقْدِيرِ الشَّرِيكِ ،
[ ص: 26 ] وَوُجُودِهِ ، يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ ، لِحُصُولِ التَّمَانُعِ لَا أَنَّهُ يَكُونُ مَوْجُودًا عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْخَلَلِ ، فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي لَا تَثْبُتُ حَقِيقَتُهُ بِوَجْهٍ ، فَاسِدًا وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالُوا فِي التَّفْرِقَةِ ، فَإِنْ كَانَ مَأْخَذُهُمْ فِي التَّفْرِيقِ بِمُجَرَّدِ الِاصْطِلَاحِ فَهُمْ مُطَالَبُونَ بِمُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ يَقْتَضِي اخْتِلَافَ الْحُكْمِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِمَا .
قُلْت : قَدْ تَقَدَّمَ أُمُورٌ فِي تَفْرِقَتِهِمْ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَرَّضَ بِمِثْلِهَا هُنَا .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَتَوَسَّطُوا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ فِي التَّسْمِيَةِ ، وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا : الْبَيْعُ الْفَاسِدُ يُفِيدُ شُبْهَةَ الْمِلْكِ فِيمَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ ، فَإِذَا لَحِقَهُ أَحَدُ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ يُقَدَّرُ الْمِلْكُ بِالْقِيمَةِ وَهِيَ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ ، وَتَلَفُ الْعَيْنِ وَنُقْصَانُهَا ، وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ . وَقَالَ
الْإِمَامُ فِي التَّلْخِيصِ " نُقِلَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي تَحْدِيدِ الْفَاسِدِ : هُوَ كُلُّ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ يُقْصَدُ بِهِ التَّوَصُّلُ إلَى اسْتِبَاحَةِ مَا جَعَلَ الشَّرْعُ أَصْلَهُ عَلَى التَّحْرِيمِ . ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَيْهِ
الْإِمَامُ الْعَقْدَ فِي وَقْتٍ تَضِيقُ الصَّلَاةُ ، فَإِنَّ الْمُتَلَفِّظَ بِالْعَقْدِ تَارِكٌ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ، وَتَرْكُ التَّكْبِيرَةِ مُحَرَّمٌ فَهَذَا مُحَرَّمٌ تَوَصَّلَ بِهِ إلَى اسْتِبَاحَةِ الْأَمْلَاكِ وَالْأَبْضَاعِ ; وَأُصُولُهَا عَلَى الْحَظْرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَاسِدٍ .