الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب من تزوج ولم يسم صداقا [ ص: 205 ] ( عن علقمة قال : { أتي عبد الله في امرأة تزوجها رجل ، ثم مات عنها ولم يفرض لها صداقا ولم يكن دخل بها ، قال : فاختلفوا إليه فقال : أرى لها مثل مهر نسائها ولها الميراث وعليها العدة ، فشهد معقل بن سنان الأشجعي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بروع ابنة واشق بمثل ما قضى } . رواه الخمسة وصححه الترمذي ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وابن حبان وصححه أيضا ابن مهدي . وقال ابن حزم لا مغمز فيه لصحة إسناده . وقال الشافعي : لا أحفظه من وجه يثبت مثله ، ولو ثبت حديث بروع لقلت به . وقد قيل إن في راوي الحديث اضطرابا ، فروي مرة عن معقل بن سنان ، ومرة عن رجل من أشجع أو ناس من أشجع . وقيل غير ذلك . قال البيهقي : قد سمي فيه ابن سنان وهو صحابي مشهور والاختلاف فيه لا يضر ، فإن جميع الروايات فيه صحيحة .

                                                                                                                                            وفي بعضها ما دل على أن جماعة من أشجع شهدوا بذلك . وقال ابن أبي حاتم : قال أبو زرعة : الذي قال معقل بن سنان أصح . وروى الحاكم في المستدرك عن حرملة بن يحيى أنه قال : سمعت الشافعي يقول : إن صح حديث بروع بنت واشق قلت به . قال الحاكم : قال شيخنا أبو عبيد الله : لو حضرت الشافعي لقمت على رءوس الناس وقلت : قد صح الحديث فقل به . وللحديث شاهد أخرجه أبو داود والحاكم من حديث عقبة بن عامر : { أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج امرأة رجلا فدخل بها ولم يفرض لها صداقها ، فحضرته الوفاة فقال : أشهدكم أن سهمي بخيبر لها } .

                                                                                                                                            والحديث فيه دليل على أن المرأة تستحق بموت زوجها بعد العقد قبل فرض الصداق جميع المهر وإن لم يقع منه دخول ولا خلوة ، وبه قال ابن مسعود وابن سيرين وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وأحمد . وعن علي عليه السلام وابن عباس وابن عمر ومالك والأوزاعي والليث والهادي وأحد قولي الشافعي وإحدى الروايتين عن القاسم أنها لا تستحق إلا الميراث فقط ولا تستحق مهرا ولا متعة ; لأن المتعة لم ترد إلا للمطلقة والمهر عوض عن الوطء ولم يقع من الزوج .

                                                                                                                                            وأجابوا عن حديث الباب بالاضطراب . ورد بما سلف ، قالوا : روي عن علي أنه قال : لا نقبل قول أعرابي بوال على عقبيه فيما يخالف كتاب الله وسنة نبيه . ورد بأن ذلك لم يثبت عنه من وجه صحيح ، ولو سلم ثبوته فلم ينفرد بالحديث معقل المذكور ، بل روي من طريق غيره ، بل معه الجراح كما وقع عند أبي داود والترمذي وناس [ ص: 206 ] من أشجع كما سلف . وأيضا الكتاب والسنة إنما نفيا مهر المطلقة قبل المس والفرض لا مهر من مات عنها زوجها ، وأحكام الموت غير أحكام الطلاق .

                                                                                                                                            وفي رواية عن القاسم أن لها المتعة . قوله : ( ولها الميراث ) هو مجمع على ذلك كما في البحر ، وإنما اتفق على أنها تستحقه لأنه يجب لها بالعقد إذ هو لا سببه الوطء . قوله : ( بروع ) قال في القاموس : كجرول ولا يكسر ، بنت واشق : صحابية .

                                                                                                                                            وفي المغني : بفتح الباء عند أهل اللغة ، وكسرها عند أهل الحديث .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية