الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2521 ) مسألة : قال : ( وإن فاته مع الإمام ، صلى وحده ) ( الجمع بمزدلفة ) معناه أنه يجمع منفردا ، كما يجمع مع الإمام . ولا خلاف في هذا ; لأن الثانية منهما تصلى في وقتها ، بخلاف العصر مع الظهر . وكذلك إن فرق بينهما ، لم يبطل الجمع كذلك ، ولما روى أسامة ، قال : ثم أقيمت الصلاة ، فصلى المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ، ثم أقيمت العشاء ، فصلاها . وروى البخاري ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : حج عبد الله ، فأتينا إلى مزدلفة حين الأذان بالعتمة ، أو قريبا من ذلك ، فأمر رجلا ، فأذن وأقام ، ثم صلى المغرب ، ثم صلى بعدها ركعتين ، ثم دعا بعشائه ، ثم أمر - أرى - فأذن ، وأقام ، ثم صلى العشاء ، ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله . ولأن الجمع متى كان في وقت الثانية لم يضر التفريق شيئا . [ ص: 214 ]

                                                                                                                                            ( 2522 ) فصل : والسنة التعجيل بالصلاتين ، وأن يصلي قبل حط الرحال ; لما ذكرنا من حديث أسامة ، وفي بعض ألفاظه ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام للمغرب ، ثم أناخ الناس في منازلهم ، ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة ، فصلى ثم حلوا } . رواه مسلم . والسنة أن لا تطوع بينهما . قال ابن المنذر : لا أعلمهم يختلفون في ذلك . وقد روي عن ابن مسعود أنه تطوع بينهما ، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                            ولنا ، حديث أسامة وابن عمر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل بينهما } . وحديثهما أصح ، وقد تقدم في ترك التفريق بينهما . ( 2523 ) فصل : فإن صلى المغرب قبل أن يأتي مزدلفة ولم يجمع ، خالف السنة ، وصحت صلاته . وبه قال عطاء ، وعروة ، والقاسم بن محمد ، وسعيد بن جبير ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو يوسف ، وابن المنذر .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة ، والثوري : لا يجزئه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين ، فكان نسكا ، وقد قال : ( خذوا عني مناسككم ) . ولنا ، أن كل صلاتين جاز الجمع بينهما ، جاز التفريق بينهما ، كالظهر والعصر بعرفة ، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم محمول على أنه الأولى والأفضل ، ولئلا ينقطع سيره ، ويبطل ما ذكروه بالجمع بعرفة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية