الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          ع ق ب : ( عاقبة ) كل شيء آخره . و ( العاقب ) من يخلف السيد . وفي الحديث : " أنا السيد والعاقب " يعني آخر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . و ( العقب ) بكسر القاف مؤخر القدم وجمعه ( أعقاب ) وهي مؤنثة . و ( عقب ) الرجل أيضا ولده وولد ولده وكذا عقبه بسكون القاف وهي مؤنثة أيضا عن الأخفش . و ( العقب ) و ( العقب ) العاقبة مثل عسر وعسر ومنه قوله تعالى : هو خير ثوابا وخير عقبا وتقول : جئت في عقب شهر رمضان وفي ( عقبانه ) بضم العين وسكون القاف فيهما إذا جئت بعد ما مضى كله . وجئت في ( عقبه ) بفتح العين وكسر القاف إذا جئت وقد بقيت منه بقية . و ( العقبة ) بوزن العلبة النوبة . و ( عاقبته ) في الراحلة إذا ركبت أنت مرة وركب هو مرة . و ( أعقبته ) مثله . وهما يتعاقبان كالليل والنهار . و ( العقبة ) واحدة ( عقبات ) الجبال . و ( العقاب ) العقوبة و ( عاقبه ) بذنبه . وقوله تعالى : فعاقبتم أي فغنمتم . وعاقبه جاء بعقبه فهو ( معاقب ) و ( عقيب ) أيضا . و ( التعقيب ) مثله . ومنه ( المعقبات ) بتشديد القاف وكسرها وهم ملائكة الليل والنهار لأنهم يتعاقبون . وإنما أنث لكثرة ذلك منهم كعلامة ونسابة . وتقول : ولى مدبرا ولم يعقب بتشديد القاف وكسرها أي لم يعطف ولم ينتظر . و ( التعقيب ) في الصلاة الجلوس بعد أن يقضيها لدعاء أو مسألة . وفي الحديث : " من عقب في صلاة [ ص: 214 ] فهو في الصلاة " و ( أعقبه ) بطاعته جازاه . و ( العقبى ) جزاء الأمور . و ( أعقب ) الرجل إذا مات وخلف ( عقبا ) أي ولدا . وأكل أكلة ( أعقبته ) سقما أي أورثته . قلت : ومنه قوله تعالى : فأعقبهم نفاقا أي أورثهم بخلهم نفاقا . وأعقبهم الله أي جازاهم بالنفاق . و ( تعقبه ) عاقبه بذنبه . و ( اعتقب ) البائع السلعة حبسها عن المشتري حتى يقبض الثمن وفي الحديث : " المعتقب ضامن " يعني إذا تلف عنده . قلت : قال الأزهري في آخر ع ق ب : قال ابن السكيت : فلان يسعى ( عقب ) آل فلان أي بعدهم . ولم أجد في الصحاح ولا في التهذيب حجة على صحة قول الناس . جاء فلان عقب فلان أي بعده إلا هذا . وأما قولهم : جاء ( عقيبه ) بمعنى بعده فليس في الكتابين جوازه . ولم أر فيهما ( عقيبا ) ظرفا بل بمعنى المعاقب فقط كالليل والنهار عقيبان لا غير . قلت : يقال : ( عقب ) الحاكم على حكم من قبله إذا حكم بعد حكمه بغيره ومنه قوله تعالى : لا معقب لحكمه أي لا أحد يتعقب حكمه بنقض ولا تغيير .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية