الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (18) قوله : هي عصاي : "هي" تعود على المستفهم عنه. وقرأ العامة "عصاي" بفتح الياء، والجحدري وابن أبي إسحاق "عصي" بالقلب والإدغام. وقد تقدم في أول البقرة توجيه ذلك، ولمن تنسب هذه اللغة، والشعر المروي في ذلك. وروي عن أبي عمرو وابن أبي إسحاق أيضا "عصاي" بسكونها وصلا. وقد فعل نافع مثل ذلك في "محياي" فجمع بين ساكنين وصلا، وتقدم الكلام هناك.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "أتوكأ" يجوز أن يكون خبرا ثانيا لـ "هي"، ويجوز أن يكون حالا: إما من "عصاي"، وإما من الياء. وفيه بعد; لأن مجيء الحال من المضاف إليه قليل، وله مع ذلك شروط ليس فيه شيء منها هنا. ويجوز أن تكون جملة مستأنفة. وجوز أبو البقاء نقلا عن غيره أن تكون "عصاي" منصوبة بفعل مقدر، و "أتوكأ" هو الخبر، ولا ينبغي أن يقال ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      والتوكؤ: التحامل على الشيء، وهو بمعنى الاتكاء. وقد تقدم تفسيره في يوسف فهما من مادة واحدة، وذكرته هنا لاختلاف وزنيهما.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 25 ] والهش بالمعجمة- الخبط. يقال: هششت الورق أهشه أي: خبطته ليسقط، وأما هش يهش بكسر العين في المضارع فبمعنى البشاشة، وقد قرأ النخعي بذلك فقيل: هو بمعنى أهش بالضم، والمفعول محذوف في القراءتين أي: أهش الورق أو الشجر. وقيل: هو في هذه القراءة من هش هشاشة إذا مال. وقرأ الحسن وعكرمة "وأهس" بضم الهاء والسين المهملة وهو السوق، ومنه الهس والهساس، وعلى هذا فكان ينبغي أن يتعدى بنفسه، ولكنه ضمن معنى ما يتعدى بـ "على" وهو أقوم. ونقل ابن خالويه عن النخعي أنه قرأ "وأهش" بضم الهمزة وكسر الهاء من "أهش" رباعيا وبالمهملة، ونقلها عنه الزمخشري بالمعجمة فيكون عنه قراءات.

                                                                                                                                                                                                                                      ونقل صاحب "اللوامح" عن مجاهد وعكرمة "وأهش" بضم الهاء وتخفيف الشين قال: "ولا أعرف لها وجها" إلا أن يكون قد استثقل التضعيف مع تفشي الشين فخفف، وهو بمعنى قراءة العامة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ بعضهم "غنمي" بسكون النون ولا ينقاس. والمآرب: جمع مأربة وهي الحاجة وكذلك الإربة أيضا. وفي راء "المأربة" الحركات الثلاث.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 26 ] و "أخرى" كقوله: "الأسماء الحسنى" وقد تقدم قريبا. قال أبو البقاء: "ولو قيل "أخر" لكان على اللفظ" يعني: "أخر" بضم الهمزة وفتح الخاء، وباللفظ لفظ الجمع. ونقل الأهوازي عن شيبة والزهري "مارب" قال "بغير همز" كذا أطلق. والمراد بغير همز محقق بل مسهل بين بين، وإلا فالحذف بالكلية شاذ.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية