الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          وإن أصدقها خمرا ، أو خنزيرا ، أو مالا مغصوبا صح النكاح ، ووجب مهر المثل . وعنه : أنه يعجبه استقبال النكاح ، اختاره أبو بكر ، والمذهب صحته ، وإن تزوجها على عبد ، فخرج حرا ، أو مغصوبا ، أو عصير ، فبان خمرا فلها قيمته ، وإن وجدت به عيبا ، فلها الخيار بين أخذ أرشه أو رده وأخذ قيمته .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( وإن أصدقها خمرا أو خنزيرا أو مالا مغصوبا - صح النكاح ) نص عليه ، وقاله عامة الفقهاء ; لأنه عقد لا يبطل بجهالة العوض ، فلا يفسد بتحريمه ، كالخلع ; ولأن فساد العوض لا يزيد على عدمه ( وجب مهر المثل ) في قولهم ; لأن فساد العوض يقتضي رد المعوض ، فوجب رد قيمته ، وهو مهر المثل ، كمن اشترى ثوبا بثمن فاسد ، فتلف المبيع في يده بالغا ما بلغ ; لأن ما تضمنه بالعقد الفاسد اعتبر قيمته بالغا ما بلغ كالمبيع ، لا يقال : إنما وجب لحق الله ; لأنه لو كان كذلك لوجب أقل المهر ( وعنه : أنه يعجبه استقبال النكاح ، اختاره أبو بكر ) وشيخه الخلال ; لأنه جعل عوضه محرما ، أشبه نكاح الشغار ، وخرج عليها في الواضح فساده بتعويض كمبيع ، وهو رواية في " الإيضاح " ، وعند ابن أبي موسى مثل مغصوب أو قيمته ، وفي " الواضح " : إن باعه ربه قبله بثمن ، لزمه ، وعنه : مثل خمر خلا ( والمذهب صحته ) وكلام أحمد محمول على الاستحباب ، فأما إذا فسد الصداق لجهالته ، أو عدمه ، أو العجز عن تسليمه ، فالنكاح ثابت ، بغير خلاف نعلمه ، فإن طلقها قبل الدخول فلها نصف مهر المثل ، وذكر القاضي في الجامع أنه لا فرق [ ص: 143 ] بين من لم يسم لها صداقا وبين من سمى لها محرما كالخمر ، أو مجهولا كالثوب ، وفيه روايتان ، إحداهما : لها المتعة ; لأنه يرتفع مهر المثل بها ، والثانية : تجب لها نصف مهر المثل ; لأنه قد وجب ، فينتصف به كالمسمى .

                                                                                                                          ( وإن تزوجها على عبد ، فخرج حرا ، أو مغصوبا ، أو عصير فبان خمرا - فلها قيمته ) ; لأنها رضيت بما سمى لها ، وتسليمه ممتنع ; لكونه غير قابل لجعله صداقا ، فوجب الانتقال إلى قيمته يوم العقد ; لأنها بدل ، ولا تستحق مهر المثل ; لعدم رضاها به ، ولا بد أن يلحظ أن المغصوب لو كان مثليا لكان لها مثله لا قيمته ، كما لو استحق عليه مثلي بغير الصداق ، والعصير محمول على عصير عدم مثله ; إذ المذهب أنه يلزمه عصير مثله ، قدمه في " الفروع " ، وجزم به في " الوجيز " ، وقدم في " الإيضاح " مهر مثلها ( وإن وجدت به عيبا ، فلها الخيار بين أخذ أرشه أو رده وأخذ قيمته ) ; لأنه عوض في عقد معاوضة ، فثبتت الخيرة فيه بين أخذ الأرش أو البدل وأخذ القيمة كالمبيع المعيب ، وكذا عوض الخلع المنجز ، وعنه : إن أمسكه فلا أرش ، وما عقد عليه في الذمة وجب بذله فقط .

                                                                                                                          فرع : إذا تزوجها على عبدين ، فخرج أحدهما حرا أو مغصوبا ، صح الصداق في ملكه ، ولها قيمة الآخر ، نص عليه ، وعنه قيمتها ، وإن بان نصفه مستحقا أو أصدقها ألف ذراع ، فبانت تسعمائة خيرت بين أخذه ، وقيمة الفائت ، وبين قيمة الكل .




                                                                                                                          الخدمات العلمية