الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 15 ] القول في تأويل قوله ( فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ( 107 ) ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ( 108 ) )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : فألقى موسى عصاه " فإذا هي ثعبان مبين " ، يعني حية . "مبين" يقول : تتبين لمن يراها أنها حية .

وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

14909 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : " فإذا هي ثعبان مبين " قال : تحولت حية عظيمة . وقال غيره : مثل المدينة .

14910 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " فإذا هي ثعبان مبين " ، يقول : فإذا هي حية كاد يتسوره يعني : كاد يثب عليه .

14911 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " فإذا هي ثعبان مبين " ، "والثعبان" : الذكر من الحيات ، فاتحة فاها ، واضعة لحيها الأسفل في الأرض ، والأعلى على سور القصر ، ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه ، فلما رأها ذعر منها ، ووثب فأحدث ، ولم يكن [ ص: 16 ] يحدث قبل ذلك ، وصاح : يا موسى ، خذها وأنا مؤمن بك ، وأرسل معك بنى إسرائيل ! فأخذها موسى فعادت عصا .

14912 - حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال ، حدثنا إبراهيم بن بشار قال ، حدثنا سفيان بن عيينة قال ، حدثنا أبو سعد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : " فإذا هي ثعبان مبين " قال : ألقى العصا فصارت حية ، فوضعت فقما لها أسفل القبة ، وفقما لها أعلى القبة قال عبد الكريم ، قال إبراهيم : وأشار سفيان بأصبعه الإبهام والسبابة هكذا : شبه الطاق فلما أرادت أن تأخذه ، قال فرعون : يا موسى خذها ! فأخذها موسى بيده ، فعادت عصا كما كانت أول مرة .

14913 - حدثنا العباس بن الوليد قال ، حدثنا يزيد بن هارون قال ، أخبرنا الأصبغ بن زيد ، عن القاسم بن أبي أيوب قال ، حدثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : ألقى عصاه فتحولت حية عظيمة فاغرة فاها ، مسرعة إلى فرعون ، فلما رأى فرعون أنها قاصدة إليه ، اقتحم عن سريره ، فاستغاث بموسى أن يكفها عنه ، ففعل .

14914 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " ثعبان مبين " قال : الحية الذكر .

14915 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال ، حدثني عبد الصمد بن معقل : أنه سمع وهب بن منبه يقول : لما دخل موسى على فرعون ، قال له فرعون : أعرفك؟ قال : نعم! قال : ألم نربك فينا وليدا ؟ [ سورة الشعراء : 18 ] . قال : فرد إليه موسى الذي رد ، [ ص: 17 ] فقال فرعون : خذوه! فبادره موسى فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ، فحملت على الناس فانهزموا ، فمات منهم خمسة وعشرون ألفا ، قتل بعضهم بعضا ، وقام فرعون منهزما حتى دخل البيت .

14916 - حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا أبو سعد قال ، سمعت مجاهدا يقول في قوله : فألقاها فإذا هي حية تسعى ، [ سورة طه : 20 ] ، قال : ما بين لحييها أربعون ذراعا .

14917 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن جويبر ، عن الضحاك : " فإذا هي ثعبان مبين " ، قال : الحية الذكر .

قال أبو جعفر : وأما قوله : " ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين " ، فإنه يقول : وأخرج يده ، فإذا هي بيضاء تلوح لمن نظر إليها من الناس .

وكان موسى ، فيما ذكر لنا ، آدم ، فجعل الله تحول يده بيضاء من غير برص ، له آية ، وعلى صدق قوله : " إني رسول من رب العالمين " ، حجة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

14918 - حدثنا العباس قال ، أخبرنا يزيد قال ، حدثنا الأصبغ بن زيد ، عن القاسم بن أبي أيوب ، قال : حدثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال ، أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوء يعني : من غير برص ثم أعادها إلى كمه ، فعادت إلى لونها الأول .

14919 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني [ ص: 18 ] معاوية ، عن علي بن أبى طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : " بيضاء للناظرين " ، يقول : من غير برص .

14920 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : " ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين " ، قال : نزع يده من جيبه بيضاء من غير برص .

14921 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

14922 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " ونزع يده " ، أخرجها من جيبه " فإذا هي بيضاء للناظرين " .

14923 - حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا أبو سعد قال ، سمعت مجاهدا يقول في قوله : " ونزع يده " قال : نزع يده من جيبه " فإذا هي بيضاء للناظرين " ، وكان موسى رجلا آدم ، فأخرج يده ، فإذا هي بيضاء ، أشد بياضا من اللبن " من غير سوء " ، قال : من غير برص ، آية لفرعون .

التالي السابق


الخدمات العلمية