الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويجوز ) ( البكاء عليه ) أي على الميت ( قبل الموت ) لما صح أنه صلى الله عليه وسلم بكى على ولده إبراهيم قبل موته والأولى تركه بحضرة المحتضر ، قال في الروضة كأصلها والبكا قبل الموت أولى منه بعده ، وليس معناه كما قال الزركشي إنه مطلوب وإن صرح به القاضي وابن الصباغ ، بل إنه أولى بالجواز ; لأنه بعده يكون أسفا على ما فات ( و ) يجوز ( بعده ) أيضا { لأنه صلى الله عليه وسلم بكى على قبر بنت له ، وزار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله } روى الأول البخاري والثاني مسلم ، والبكا عليه بعد الموت مكروه كما نقله في الأذكار عن الشافعي والأصحاب لخبر { فإذا وجبت فلا تبكين باكية ، قالوا : وما الوجوب يا رسول الله : قال : الموت } رواه الشافعي وغيره بأسانيد صحيحة .

                                                                                                                            لكن نقل في المجموع عن [ ص: 16 ] الجمهور أنه خلاف الأولى ، وبحث السبكي أنه إن كان البكا لرقة على الميت وما يخشى عليه من عذاب الله وأهوال يوم القيامة لم يكره ولا يكون خلاف الأولى ، وإن كان للجزع وعدم التسليم للقضاء فيكره أو يحرم .

                                                                                                                            قال الزركشي هذا كله في البكاء بصوت ، أما مجرد دمع العين فلا منع منه ، واستثنى الروياني ما إذا غلبه البكا فلا يدخل تحت النهي ; لأنه مما لا يملكه البشر وهو ظاهر ، وفصل بعضهم في ذلك فقال : إن كان لمحبة ورقة كالبكا على الطفل فلا بأس به والصبر أجمل ، وإن كان لما فقد من عمله وصلاحه وبركته وشجاعته فيظهر استحبابه ، أو لما فاته من بره وقيامه بمصالحه فيظهر كراهته لتضمنه عدم الثقة بالله تعالى

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : بكى على قبر بنت له ) لعلها أم كلثوم ، ثم رأيت في المواهب : وأما أم كلثوم ، ولا يعرف لها اسم وإنما تعرف بكنيتها ، فماتت سنة تسع من الهجرة وصلى عليها عليه الصلاة والسلام ونزل في حفرتها علي والفضل وأسامة بن زيد ، وفي البخاري { جلس صلى الله عليه وسلم على القبر وعيناه تذرفان فقال : هل فيكم من لم يقارف الليلة } وقوله على القبر : أي قبر أم كلثوم ; لأن الكلام فيه ( قوله : والبكا عليه بعد الموت ) ومعلوم أن الكلام في البكا الاختياري أما القهري فلا يدخل [ ص: 16 ] تحت التكليف ، ثم رأيت قوله واستثنى الروياني إلخ ( قوله وفصل بعضهم في ذلك ) معتمد




                                                                                                                            الخدمات العلمية