الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير

                                                                                                                                                                                                                                        ( ولما ورد ماء مدين ) وصل إليه وهو بئر كانوا يسقون منها . ( وجد عليه ) وجد فوق شفيرها . ( أمة من الناس ) جماعة كثيرة مختلفين . ( يسقون ) مواشيهم . ( ووجد من دونهم ) في مكان أسفل من مكانهم .

                                                                                                                                                                                                                                        ( امرأتين تذودان ) تمنعان أغنامهما عن الماء لئلا تختلط بأغنامهم . ( قال ما خطبكما ) ما شأنكما تذودان .

                                                                                                                                                                                                                                        ( قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء ) تصرف الرعاة مواشيهم عن الماء حذرا عن مزاحمة الرجال ، وحذف المفعول لأن الغرض هو بيان ما يدل على عفتهما ويدعوه إلى السقي لهما ثم دونه . وقرأ أبو عمرو وابن عامر ( يصدر ) أي ينصرف . وقرئ «الرعاء » بالضم وهو اسم جمع كالرخال . ( وأبونا شيخ كبير ) كبير السن لا يستطيع أن يخرج للسقي فيرسلنا اضطرارا .

                                                                                                                                                                                                                                        ( فسقى لهما ) مواشيهما رحمة عليهما . قيل كانت الرعاة يضعون على رأس البئر حجرا لا يقله إلا سبعة رجال أو أكثر فأقله وحده مع ما كان به من الوصب والجوع وجراحة القدم ، وقيل كانت بئرا أخرى عليها صخرة فرفعها واستقى منها . ( ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي ) لأي شيء أنزلت إلي .

                                                                                                                                                                                                                                        ( من خير ) قليل أو كثير وحمله الأكثرون على الطعام . ( فقير ) محتاج سائل ولذلك عدي باللام ، وقيل معناه إني لما أنزلت إلي من خير الدين صرت فقيرا في الدنيا ، لأنه كان في سعة عند فرعون والغرض منه إظهار التبجح والشكر على ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية