الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (59) قوله : موعدكم يوم الزينة : العامة على رفع "يوم الزينة" خبرا لـ "موعدكم". فإن جعلت "موعدكم" زمانا لم تحتج إلى [ ص: 59 ] حذف مضاف; إذ التقدير: زمان الوعد يوم الزينة، وإن جعلته مصدرا احتجت إلى حذف مضاف تقديره: وعدكم وعد يوم الزينة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الحسن والأعمش وعيسى وعاصم في بعض طرقه وأبو حيوة وابن أبي عبلة وقتادة والجحدري وهبيرة "يوم" بالنصب. وفيه أوجه، أحدها: أن يكون خبرا لـ "موعدكم" على أن المراد بالموعد المصدر أي: وعدكم كائن في يوم الزينة كقولك: القتال يوم كذا والسفر غدا.

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أن يكون "موعدكم" مبتدأ، والمراد به الزمان، و "ضحى" خبره على نية التعريف فيه; لأنه ضحى ذلك اليوم بعينه، قاله الزمخشري، ولم يبين ما الناصب لـ "يوم الزينة"؟ ولا يجوز أن يكون منصوبا، بـ "موعدكم" على هذا التقدير; لأن مفعلا مرادا به الزمان أو المكان لا يعمل وإن كان مشتقا، فيكون الناصب له فعلا مقدرا. وواخذه الشيخ في قوله "على نية التعريف" قال: "لأنه وإن كان ضحى ذلك اليوم بعينه فليس على نية التعريف، بل هو نكرة، وإن كان من يوم بعينه; لأنه ليس معدولا عن الألف واللام كسحر ولا هو معرف بالإضافة ولو قلت: "جئت يوم الجمعة بكرا" لم ندع أن بكرا معرفة وإن كنت تعلم أنه من يوم بعينه".

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث: أن يكون "موعدكم" مبتدأ، والمراد به المصدر و "يوم الزينة" ظرف له. "وضحى" منصوب على الظرف خبرا للموعد، كما أخبر عنه في الوجه الأول بيوم الزينة نحو: "القتال يوم كذا".

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 60 ] قوله: "وأن يحشر" في محله وجهان، أحدهما: الجر نسقا على الزينة أي: موعدكم يوم الزينة ويوم أن يحشر. أي: ويوم حشر الناس. والثاني: الرفع نسقا على "يوم" التقدير: موعدكم يوم كذا، وموعدكم أن يحشر الناس أي: حشرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن مسعود والجحدري وأبو نهيك وعمرو بن فائد "وأن تحشر الناس" بتاء الخطاب في "تحشر"، وروي عنهم "يحشر" بياء الغيبة. و "الناس" نصب في كلتا القراءتين على المفعولية. والضمير في القراءتين لفرعون أي: وأن تحشر أنت يا فرعون، أو وأن يحشر فرعون. وجوز بعضهم أن يكون الفاعل ضمير اليوم في قراءة الغيبة; وذلك مجاز لما كان الحشر واقعا فيه نسب إليه نحو: نهاره صائم وليله قائم.

                                                                                                                                                                                                                                      و "ضحى" نصب على الظرف، العامل فيه "يحشر" وتذكر وتؤنث. والضحاء بالمد وفتح الضاد فوق الضحى; لأن الضحى ارتفاع النهار، والضحاء بعد ذلك، وهو مذكر لا غير.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية