الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في آداب منثورة . يستحب أن يدعو أصدقاءه الأمناء ، ويلتمس منهم أن يطلعوه على عيوبه ليسعى في إزالتها ، ويستحب أن يكون راكبا في مسيره إلى مجلس حكمه ، وأن يسلم على الناس في طريقه ، وعلى القوم إذا دخل ، وأن يدعو إذا جلس ، ويسأل الله تعالى التوفيق والتسديد ، وأن يقوم على رأسه أمين ينادي هل من خصم ؟ ويرتب الناس ، ويقدم الأول فالأول . قال ابن المنذر : يستحب أن يكون حصينا لمكان النساء ، ويجوز أن يعين للقضاء يوما أو يومين على حسب حاجة الناس ودعاويهم ، وأن يعين وقتا من النهار ، فإن حضر خصمان في غير الوقت المعين ، سمع كلامهما إلا أن يكون في صلاة أو حمام أو على [ ص: 155 ] طعام ونحوه ، فيؤخره قدر ما يفرغ .

                                                                                                                                                                        ويستحب أن يكون للقاضي درة يؤدب بها إذا احتاج ، ويتخذ سجنا للحاجة إليه في التعزير ، واستيفاء الحق من المماطل .

                                                                                                                                                                        وهذه فروع تتعلق بالحبس . قال ابن القاص : إذا استشعر القاضي من المحبوس الفرار من الحبس ، فله نقله إلى حبس الجرائم ، ولو دعا المحبوس زوجته أو أمته إلى فراشه فيه ، لم يمنع إن كان في الحبس موضع خال ، فإن امتنعت ، أجبرت الأمة ، ولا تجبر الزوجة الحرة ؛ لأنه لا يصلح للسكنى ، والزوجة الأمة تجبر إن رضي سيدها . ولو قال مستحق الدين : أنا ألازمه بدلا عن الحبس ، مكن ؛ لأنه أخف إلا أن يقول الغريم : تشق علي الطهارة والصلاة بسبب ملازمته ، فاحبسني ، فيحبس .

                                                                                                                                                                        وسبق الخلاف في أن الأب هل يحبس بدين ولده ، وقياس حبسه أن يحبس المريض والمخدرة وابن السبيل منعا لهم من الظلم . وعن أبي عاصم العبادي أنهم لا يحبسون ، بل يوكل بهم ليترددوا ويتمحلوا . قال : ولا يحبس أبو الطفل ولا الوكيل والقيم في دين لم يجب بمعاملتهم ، ولا يحبس الصبي ولا المجنون ، ولا المكاتب بالنجوم ، ولا العبد الجاني ، ولا سيده ليؤدي أو يبيع ، بل يباع عليه إذا وجد راغب وامتنع من البيع والفداء ، ونقل الهروي وجهين في حبس كل غريم قدرنا على ماله ، وتمكنا من بيعه .

                                                                                                                                                                        وأجرة السجان على المحبوس وأجرة الوكيل على من وكل به إذا لم يكن في بيت المال مال ، وصرف إلى جهة أهم من هذه .

                                                                                                                                                                        قلت : وقد ألحقت في كتاب التفليس مسائل كثيرة تتعلق بالحبس ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية