الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة

فمن الحوادث فيها:

أنه في يوم الجمعة خامس ربيع الأول رتب في الحسبة بالحريم أبو جعفر بن الخرقي الشاهد ، وكان التطفيف فاشيا ، والأمور فاسدة ، حتى إنه وجد في ميزان بعض المتعيشين حبات على شكل الأرز من رخام وزن الواحدة حبتان ونصف ، فتولى ذلك على أن يبسط يده في الخاص والعام ، وأن لا يستعمل مراقبة ، ولا يجيب شفاعة ، فوعده أبو العميد الدولة بذلك ، وتنجز له به التوقيع ، فزم الأمور ، وأقام الهيبة ، وأدب وعزر ، و [لم يقبل شفاعة] فانحرست الأمور ، وانحسمت الأدواء .

وفي رجب: وصل السلطان جلال الدولة إلى الأهواز للصيد والفرجة ، وقبض على ابن علان اليهودي ضامن البصرة وقتله ، وأخذ من ذخائره نحوا من أربعمائة ألف دينار ، وكان هذا الرجل منتميا إلى نظام الملك [وكان] بين نظام الملك وبين [ ص: 206 ] خمارتكين بن الشراي وبنيه وسعد الدولة الكوهرائي عداوة ، فتوصلا في هلاك ابن علان لينفرا لنظام الملك ويوحشا السلطان منه ، وعرف نظام الملك الحال فنفر وأغلق بابه ثلاثة أيام ، وأشير عليه بالرجوع عن هذا الفعل فرجع ، ولما عاد السلطان إلى أصبهان عمل له نظام الملك دعوة اغترم عليها جملة ، وعاتبه عتابا أجابه عنه بتطييب نفسه . وكان ابن علان قد تفاقم أمره حتى إن زوجته ماتت فمشى خلف جنازتها جميع من بالبصرة سوى القاضي ، وكان معه تذكرة بأمواله ، فلما تقدم بتغريقه رمى التذكرة إلى الماء قبله ، ووجد له برموز في تذكرة فأخذ أكثر ذلك ، وكان فيها مكنسة ألف دينار ، فلم يفطن لذلك حتى رأوا امرأة مقعدة ترجف فأرهبوها فأقرت . وضمن خمارتكين بن الشراي البصرة بمائة ألف دينار ومائة فرس كل سنة .

وفي هذه السنة: أقيمت الخطبة بمكة للخليفة وللسلطان ، وقطعت الخطبة المصرية ، وفتح أبو بكر عبد الله بن نظام الملك تكريت .

وفيها: أخذ مسلم بن قريش حلب ، وكتب إلى السلطان ملك شاه كتابا أشهد فيه على نفسه العدول بضمانها بثلاثمائة ألف دينار [كل سنة] يؤديها إلى خزانة السلطان ، فأجابه إلى ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية