الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فمن بدله الآيتين .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه : وقد وقع أجر الموصي على الله، وبرئ من إثمه . وفي قوله : فمن خاف من موص جنفا يعني : إثما ، فأصلح بينهم يقول : إذا أخطأ الميت في وصيته أو حاف فيها، فليس على الأولياء حرج أن يردوا خطأه إلى الصواب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن قتادة في قوله : فمن بدله قال : من بدل الوصية بعد ما سمعها فإثم ما بدل عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير : فمن بدله يقول : للأوصياء من بدل وصية الميت، بعدما سمعه يعني من بعد ما سمع من الميت ، فلم يمض وصيته إذا كان عدلا فإنما إثمه يعني إثم ذلك على الذين يبدلونه يعني الوصي ، وبرئ منه الميت ، إن الله سميع يعني للوصية ، عليم بها ، فمن خاف يقول : فمن علم من موص [ ص: 168 ] يعني : من الميت، جنفا ميلا، أو إثما يعني أو خطأ، فلم يعدل، فأصلح بينهم رد خطأه إلى الصواب، إن الله غفور للوصي حيث أصلح بين الورثة، رحيم به حيث رخص له في خلاف جور وصية الميت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : جنفا قال : الجور والميل في الوصية . قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت قول عدي بن زيد :


                                                                                                                                                                                                                                      وأمك يا نعمان في أخواتها يأتين ما يأتينه جنفا



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : جنفا أو إثما قال : الجنف الخطأ، والإثم العمد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سفيان بن عيينة ، وعبد بن حميد ، عن مجاهد في قوله : جنفا أو إثما قال : خطأ أو عمدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن عطاء في قوله : جنفا قال : حيفا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد في قوله : فمن خاف من موص الآية، قال : هذا حين يحضر الرجل وهو يموت، فإذا أسرف أمروه بالعدل، وإذا قصر عن حق قالوا : افعل كذا وكذا، وأعط فلانا كذا [ ص: 169 ] وكذا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة في قوله : فمن خاف من موص الآية، قال : من أوصى بحيف أو جار في وصية فردها ولي الميت أو إمام من أئمة المسلمين إلى كتاب الله وإلى سنة نبيه، كان له ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سفيان بن عيينة، وسعيد بن منصور ، والبيهقي في "سننه"، عن ابن عباس قال : الجنف في الوصية والإضرار فيها من الكبائر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود في «مراسيله» ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "يرد من صدقة الحائف في حياته ما يرد من وصية المجنف عند موته" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، عن الثوري في قوله : فمن بدله بعدما سمعه قال : بلغنا أن الرجل إذا أوصى لم تغير وصيته حتى نزلت : فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فرده إلى الحق .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية