الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          [ ص: 357 ] قوله: فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا

                                          [1874] حدثنا أبو بكر بن القاسم ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، حدثني أبي، حدثني أبي، ثنا الأشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: " كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون: اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا، فأنزل الله فيهم: فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق وروي عن أبي وائل ، ومجاهد ، والسدي ، ومقاتل بن حيان ، نحو ذلك.

                                          [1875] أخبرنا موسى بن هارون الطوسي ، فيما كتب إلي، ثنا الحسين بن محمد المروذي ، ثنا شيبان ، عن قتادة ، قوله: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق قال: هذا عبد نوى الدنيا، لها أنفق ولها شخص، ولها عمل ولها نصب، فيها همه ونيته وسدمه وطلبته ".

                                          قوله: وما له في الآخرة من خلاق

                                          قد تقدم تفسيره.

                                          قوله: ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة

                                          [1876] حدثنا أبو بكر بن القاسم ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، حدثني أبي، حدثنا أبي، ثنا الأشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: " كان يجيء بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، فأنزل الله فيهم: أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب "

                                          والوجه الثاني:

                                          [1877] ذكر عن أبي أسامة ، عن أبي سعد ، عن أبي عون ، عن ابن الزبير : ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة قال: يعملون في دنياهم لآخرتهم ودنياهم .

                                          [ ص: 358 ] [1878] حدثنا أبي ، ثنا دحيم ، ثنا محمد بن شعيب ، قال: سألت يحيى بن الحارث : " ما آتى في الدنيا حسنة؟ قال: عمل صالح ".

                                          الوجه الثالث:

                                          [1879] حدثنا أبو زرعة ، ثنا أبو الأحوص محمد بن حيان ، أخبرني عباد بن العوام ، أخبرني هشام ، عن الحسن، في قوله: ربنا آتنا في الدنيا حسنة قال: الحسنة في الدنيا: العلم والعبادة.

                                          [1880] حدثنا أسيد بن عاصم ، ثنا الحسين بن حفص ، ثنا سفيان ، عن رجل، عن الحسن، في قوله: " ربنا آتنا في الدنيا حسنة قال: الرزق الطيب والعلم النافع في الدنيا ".

                                          والوجه الرابع:

                                          [1881] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، أنبأ عبد الرزاق ، أنبأ معمر ، عن قتادة ، في قوله: وفي الآخرة حسنة قال: في الآخرة عافية. ربنا آتنا في الدنيا حسنة قال: في الدنيا عافية.

                                          الوجه الخامس:

                                          [1882] حدثنا أبو زرعة ، ثنا صفوان ، ثنا الوليد ، أخبرني عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن محمد بن كعب القرظي ، في هذه الآية: ربنا آتنا في الدنيا حسنة قال: المرأة الصالحة من الحسنات. وروي عن يزيد بن مالك ، نحو ذلك.

                                          الوجه السادس:

                                          [1883] أخبرنا موسى بن هارون الطوسي ، فيما كتب إلي، ثنا الحسين بن محمد المروذي ، ثنا شيبان بن عبد الرحمن التميمي ، عن قتادة ، قوله: ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قال: هذا عبد نوى الآخرة لها شخص ولها أنفق ولها عمل وكانت الآخرة، هي سدمه وطلبته ونيته.

                                          [ ص: 359 ] قوله: وفي الآخرة حسنة

                                          اختلف في تفسيرها على أوجه فأحدها:

                                          [1884] حدثنا أبو زرعة ، ثنا أبو الأحوص محمد بن حيان ، أخبرني عباد بن العوام ، أخبرني هشام ، عن الحسن : وفي الآخرة حسنة قال: الحسنة في الآخرة: الجنة. وروي عن مجاهد ، والسدي ، ومقاتل بن حيان ، وإسماعيل بن أبي خالد ، نحو ذلك.

                                          والوجه الثاني:

                                          [1885] حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، أنبأ عبد الرزاق ، أنبأ معمر ، عن قتادة ، في قوله: وفي الآخرة حسنة قال: في الآخرة عافية.

                                          قوله: وقنا عذاب النار

                                          [1886] حدثنا أبي ، ثنا أبو نعيم ، ثنا عبد السلام يعني: ابن شداد أبا طالوت قال: كنت عند أنس ، فقال له ثابت : إن إخوانك يحبون أن تدعو لهم. فقال: " اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. وتحدثوا ساعة حتى إذا هم أرادوا القيام قالوا: يا أبا حمزة : إن إخوانك يريدون القيام، فادع الله لهم، قال: تريدون أن أشق لكم الأمور، إذا آتاكم الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقاكم عذاب النار، فقد آتاكم الخير كله ".

                                          [1887] حدثنا أبي ، ثنا دحيم ، ثنا محمد بن شعيب ، أخبرني يحيى بن الحارث ، حدثني القاسم يعني أبا عبد الرحمن ، قال: من أعطي قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وجسدا صابرا، فقد أوتي في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة ووقي عذاب النار.

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية