الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3171 باب من عض يد رجل فانتزع ثنيته

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه ، إذا دفعه المصول عليه فأتلف نفسه أو عضوه ، لا ضمان عليه ) .

                                                                                                                              وقال في المنتقى : ( باب من عض يد رجل ، فانتزعها فسقطت ثنيته ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 161 ج11 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ عن عمران بن حصين ؛ أن رجلا عض يد رجل، فانتزع يده فسقطت ثنيته (أو ثناياه ) فاستعدى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تأمرني؟ تأمرني: أن آمره: أن يدع يده في فيك، تقضمها كما يقضم الفحل؟ ادفع يدك حتى يعضها، ثم انتزعها " ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عمران بن حصين ) رضي الله عنهما : (أن رجلا عض يد رجل ، فانتزع يده فسقطت ثنيته " أو ثناياه ) " (.

                                                                                                                              [ ص: 300 ] وفي رواية لمسلم : " عض ذراع رجل.

                                                                                                                              وفي رواية للبخاري : "فعض إصبع صاحبه ".

                                                                                                                              وقد جمع بتعدد القصة.

                                                                                                                              وقيل : رواية الذراع أرجح من رواية الإصبع ، لأنها من طريق جماعة. كما حقق ذلك الحافظ ، في الفتح.

                                                                                                                              (فاستعدى رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "ما تأمرني ؟ تأمرني : أن آمره : أن يدع يده في فيك تقضمها ، كما يقضم الفحل " ) بفتح الضاد فيهما ، على اللغة الفصيحة. ومعناه : يعضها.

                                                                                                                              قال أهل اللغة : "القضم " : بأطراف الأسنان.

                                                                                                                              وفي رواية : " كما يعض الفحل " أي : من الإبل وغيرها. وهو إشارة إلى تحريم ذلك.

                                                                                                                              وفيه : دلالة لمن قال : إنه إذا عض رجل يد غيره ، فنزع المعضوض يده ، فسقطت أسنان العاض ، أو فك لحيته : لا ضمان عليه. قال النووي : هذا مذهب الشافعي ، وأبي حنيفة ، وكثيرين ، أو الأكثرين. وقال مالك : يضمن. انتهى.

                                                                                                                              قلت : وهو محجوج بالدليل الصحيح. وقد تأول أتباعه ذلك الدليل بتأويلات في غاية من السقوط. وعارضوه بأقيسة باطلة. وما أحسن [ ص: 301 ] ما قال يحيى بن يعمر !: لو بلغ مالكا هذا الحديث : لم يخالفه. وكذا قال ابن بطال.

                                                                                                                              (ادفع يدك حتى يعضها ثم انتزعها ) .

                                                                                                                              قال النووي : ليس المراد بهذا : أمره بدفع يده ليعضها. إنما معناه : الإنكار عليه. أي : إنك لا تدع يدك في فيه يعضها. فكيف تنكر عليه أن ينتزع يده من فيك ، وتطالبه يما جنى في جذبه لذلك ؟

                                                                                                                              قال في النيل : الحديث يدل على أن الجناية ، إذا وقعت على المجني عليه بسبب منه ، كالقصة المذكورة وما شابهها : فلا قصاص ، ولا أرش. وإليه ذهب الجمهور. لكن بشرط : أن لا يتمكن المعضوض مثلا ، من إطلاق يده ، أو نحوها ، بما هو أيسر من ذلك. وأن يكون ذلك العض مما يتألم به المعضوض. وظاهر الدليل : عدم الاشتراط. وقد قيل : إنه من باب التقييد بالقواعد الكلية. وفي وجه للشافعية : أنه يهدر مطلقا. انتهى.

                                                                                                                              قال القاضي : وهذا الباب ، مما تتبعه الدارقطني على مسلم : بالاختلاف على عطاء ، وعدم سماع ابن سيرين عن عمران.

                                                                                                                              قال النووي : ولا يلزم من هذا الاختلاف : ضعف الحديث. ولا من كون ابن سيرين لم يصرح بالسماع من عمران. ولو ثبت ضعف هذا الطريق؛ لم يلزم منه ضعف المتن. فإنه صحيح بالطرق الباقية ، التي ذكرها مسلم. وقد سبق مرات : أن مسلما يذكر في المتابعات ، من هو دون شرط الصحيح. انتهى. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية