الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وللمرأة منع نفسها حتى تقبض صداقها الحال ، فإن تبرعت بتسليم نفسها ، ثم أرادت المنع ، فهل لها ذلك ؛ على وجهين .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وللمرأة ) سمي لها أو مفوضة ( منع نفسها حتى تقبض صداقها الحال ) حكاه ابن المنذر إجماعا; لأن في إجبارها أولا على تسليم نفسها خطرا بإتلاف [ ص: 176 ] البضع ، ولا يمكن الرجوع فيه بخلاف المبيع ، وقيل : أو حل قبل التسليم وسافر بلا إذنه في أصح الروايتين ، ولها النفقة إذا امتنعت - ولو كان معسرا - والسفر بغير إذنه; لأنه امتناع بحق ، أشبه ما لو امتنعت للإحرام بحجة الإسلام ، وعلل أحمد وجوب النفقة بأن الحبس من قبله ، وظاهر كلام جماعة : لا نفقة ، قال في " الفروع " : وهو متجه ، وظاهره : أنه إذا كان مؤجلا فليس لها منع نفسها قبل قبضه; لأن رضاها بتأجيله رضى منها بتسليم نفسها قبل قبضه كتأجيل الثمن ، فأما إذا كان بعضه حالا وبعضه مؤجلا ، فلها منع نفسها قبل قبض العاجل ، ولا فرق بين حلوله بعد تأجيله وعدمه ، صرح به في " المغني " ; لأن التسليم قد وجب عليها ، فاستقر قبل قبضه ، فلم يكن لها أن تمتنع منه .

                                                                                                                          فرع : إذا كانت محبوسة أو لها عذر يمنع التسليم ، وجب تسليم الصداق كمهر الصغيرة في الأصح .

                                                                                                                          ( فإن تبرعت بتسليم نفسها ثم أرادت المنع ، فهل لها ذلك ؛ على وجهين ) إذا سلمت نفسها تبرعا ، فدخل أو خلا ، ثم أرادت المنع فقد توقف أحمد في الجواب عنها ، وفيه وجهان ، أحدهما : لا يملكه ، واختاره الأكثر ، منهم صاحب " الوجيز " ; لأن التسليم استقر به العوض برضى المسلم ، فلم يكن لها أن تمتنع منه كتسليم البائع المبيع ، وفيه تنبيه على الفرق بين المتبرع بالتسليم وعدمه ، وهو قادح في صحة القياس ، والثاني - واختاره ابن حامد - : على أن لها المنع; لأنه تسليم يوجبه العقد ، فكان لها أن تمتنع منه قبل صداقها ، كما لو تتبرع بتسليم نفسها ، فأما إن وطئها مكرهة لم يسقط حقها من الامتناع ، صرح به في " المغني " [ ص: 177 ] و " الشرح " كالبائع المكره على التسليم ، والأصح : أنه إذا أظهر معيبا بعد قبضه وتسليم نفسها أن لها المنع .

                                                                                                                          فرع : إذا أبى كل من الزوجين التسليم الواجب ، أجبر زوج ، ثم زوجة ، وإن بادر به أحدهما أجبر الآخر عليه ، فلو أبت التسليم بغير عذر ، فله استرجاع الصداق .




                                                                                                                          الخدمات العلمية