الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا

                                                                                                                                                                                                                                      يوم ندعوا نصب على المفعولية بإضمار اذكر، أو ظرف لما دل عليه قوله تعالى: ولا يظلمون. وقرئ: بالياء على البناء للفاعل وللمفعول. و "يدعو" بقلب الألف واوا على لغة من يقول في افعى افعوا، وقد جوز كون الواو علامة الجمع كما في قوله تعالى: " وأسروا النجوى " أو ضميره "وكل" بدلا منه، والنون محذوفة لقلة المبالاة بها، فإنها ليست إلا علامة الرفع، وقد يكتفى بتقديره كما في يدعى كل أناس من بني آدم، الذين [ ص: 187 ] فعلنا بهم في الدنيا ما فعلنا من التكريم والتفضيل، وهذا شروع في بيان تفاوت أحوالهم في الآخرة بحسب أحوالهم، وأعمالهم في الدنيا. بإمامهم أي: بمن ائتموا به من نبي، أو مقدم في الدين، أو كتاب، أو دين. وقيل: بكتاب أعمالهم التي قدموها. فيقال: يا أصحاب كتاب الخير، يا أصحاب كتاب الشر. أو يا أهل دين كذا، يا أهل كتاب كذا. وقيل: الإمام جمع أم، كخف وخفاف. والحكمة في دعوتهم بأمهاتهم بإجلال عيسى عليه السلام، وتشريف الحسنين رضي الله عنهما، والستر على أولاد الزنا. فمن أوتي يومئذ من أولئك المدعوين كتابه صحيفة أعماله، بيمينه إبانة لخطر الكتاب المؤتى، وتشريفا لصاحبه، وتبشيرا له من أول الأمر بما في مطاويه فأولئك إشارة إلى "من" باعتبار معناه إيذانا بأنهم حزب مجتمعون على شأن جليل، أو إشعار بأن قراءتهم لكتبهم تكون على وجه الاجتماع لا على وجه الانفراد، كما في حال الإيتاء، وما فيه من الدلالة على البعد للإشعار برفعة درجاتهم، أي: أولئك المختصون بتلك الكرامة التي يشعر بها الإيتاء المزبور. يقرءون كتابهم الذي أوتوه على الوجه المبين تبجحا بما سطر فيه من الحسنات المستتبعة لفنون الكرامات. ولا يظلمون أي: لا ينقصون من أجور أعمالهم المرتسمة في كتبهم، بل يؤتونها مضاعفة. فتيلا أي: قدر فتيل: وهو القشرة التي في شق النواة، أو أدنى شيء، فإن الفتيل مثل في القلة والحقارة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية