الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة ست وسبعين وأربعمائة

فمن الحوادث فيها:

أنه خرج توقيع يوم الجمعة لخمس بقين من صفر إلى الوزير عميد الدولة بعزله تضمنه: لكل أجل كتاب ، انصرف من الديوان إلى دارك ، وخل ما أنت منوط به من نظرك . فخرج هو وولداه وأهله إلى دار المملكة من غير استئذان الخليفة ، ثم ساروا إلى ناحية خراسان ، فكتب الخليفة إلى السلطان بأن بني جهير لا طريق إلى إعادتهم واستخدامهم ، والتمس أن يبعدوا من العسكر ولا يؤوون ، وكان السبب في هذا الثقة بهم ، فصاروا متهمين ، فرتب في الديوان أبو الفتح المظفر ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم ابن المسلمة منفذا وناظرا ، وقد كان مرتبا على ابنيه الدار وغيرها ، ولما وصل بنو جهير تلقوا وأكرموا ، وعقد للوزير فخر الدولة على ديار بكر ، وخلع عليه الخلع ، وأعطي الكوسات ، وأذن له في ضربها أوقات الصلوات الخمس بديار بكر ، والصلوات الثلاث: الفجر ، والمغرب ، والعشاء في المعسكر السلطاني .

وفي جمادى الآخرة: توفي الشيخ أبو إسحاق الشيرازي ، فأجلس مؤيد الملك مكانه أبا سعد عبد الرحمن بن المأمون المتولي .

وفي يوم الخميس النصف من شعبان: خلع الخليفة على الوزير أبي شجاع محمد بن الحسين خلع الوزارة ، ولقب بظهير الدين ، وكان أبو المحاسن بن أبي الرضا [ ص: 228 ] قد نفق على السلطان كثيرا حتى عول عليه ، واطرح نظام الملك ، وضمن أبو المحاسن النظام بألف ألف دينار ، فعرف النظام بذلك ، فصنع سماطا ودعا السلطان إليه وخلا به بعد أن أقام مماليكه والأتراك على خيولهم ، وكانوا أكثر من ألف غلام ، وقال له: إن [قيل لك] أيها السلطان إنني آخذ عشر أموالك وأرتفق بالشيء من أعمالك وعمالك فإنني أخرجه إلى هذا العسكر الذي تراه بين يديك ، فإن جامكيتهم تشتمل على مائتي ألف دينار في كل سنة ، وطرح بين يده ثبتا بما يتحصل له كل سنة ، وأنه ما يكون أكثر من هذا المقدار ، وقال: لو لم أفعل هذا لاحتجت أن يخرج لهم كل سنة من خزانتك ، وقد جمعتهم بسلاحهم ، فتقدم بنقلهم إلى من تراه من الحجاب ، ويكون هذا العشر الذي آخذه منصرفا إليهم ، وأخلص من التعب ، ومع هذا فقد خدمت جدك وأباك وشيخت في دولتكم ، وأنا والله مشفق من مضيك على ما أنت عليه ، وخائف من عقبى ما أنت خائض فيه ، وحمل من الجواهر وغيرها ما ملأ به عينه ، وضمن له استخراج مال آخر من المتكلمين عليه ، فأطلعه السلطان على ما جرى في معناه وحلف له ، وقبض على أبي المحاسن وحمله إلى قلعة ساوة ، وقورت عيناه بالسكين ، وحملت إلى السلطان ، فتقدم بطرحهما لكلب الصيد ، وأخذ من ابن أبي الرضا مائتي ألف دينار .

التالي السابق


الخدمات العلمية