الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            باب الاستهام على اليمين عن همام عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكره الاثنان على اليمين واستحباها فليستهما عليها لفظ أبي داود .

                                                            ورواه البخاري بلفظ إن النبي صلى الله عليه وسلم عرض على قوم اليمين فأسرعوا فأمرهم أن يستهموا بينهم أيهم يحلف .

                                                            التالي السابق


                                                            باب الاستهام على اليمين وعن همام عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكره الاثنان على اليمين واستحباها فليستهما عليها رواه أبو داود ، وهو عند البخاري بلفظ آخر [ ص: 87 ] فيه) فوائد :

                                                            (الأولى) : رواه أبو داود عن أحمد بن حنبل وسلمة بن شعيب كلاهما عن عبد الرزاق بلفظ أو استحباها : وأخرجه البخاري عن إسحاق بن نصر عن عبد الرزاق بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض على قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن يسهم عنهم في اليمين أيهم يحلف .

                                                            (الثانية) : قوله إذا أكره الاثنان على اليمين واستحباها : كذا وقع في أصلنا بالواو والظاهر إن صح ذلك أنها بمعنى أو كما في رواية أبي داود وليس المراد بذلك الإكراه الحقيقي فإن الإنسان لا يكره على اليمين ، وإنما معناه إذا توجهت اليمين على اثنين وأرادا الحلف سواء كانا غير مختارين كذلك بقلبهما ، وهو معنى الإكراه أو غير مختارين لذلك بقلبهما ، وهو معنى استحباب ذلك وتنازعا في الابتداء فلا يقدم أحدهما على الآخر بالتشهي بل بالقرعة ، وهو المراد بالاستهام يقال استهموا أي اقترعوا .



                                                            (الثالثة) : حمل بعضهم هذا الحديث على ما إذا تنازع اثنان عينا ليست في يد واحد منهما فيقر ولا بينة لهما ، فيقرع بينهما فمن خرجت قرعته حلف وأخذها وروى أبو داود والنسائي وابن ماجه في سننهم من طريق أبي رافع عن أبي هريرة أن رجلين اختصما في متاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليس لواحد منهما بينة فقال النبي صلى الله عليه وسلم استهما على اليمين ما كان ، أحبا ذلك أو كرها قال الخطابي معنى الاستهام هنا الاقتراع يريد أنهما يقترعان فأيهما خرجت له القرعة حلف وأخذ ما ادعاه وروي ما يشبه هذا عن علي بن أبي طالب قال حنش بن المعتمر أوتي علي ببغل وجد في السوق يباع فقال رجل هذا بغلي لم أبعه ولم أهبه قال ونزع ما قال بخمسة يشهدون قال وجاء آخر يدعيه فزعم أنه بغله وجاء بشاهدين قال فقال علي إن فيه قضاء وصلحا وسوف أبين لكم ذلك كله أما صلحه أن يباع البغل فيقسم على سبعة أسهم لهذا خمسة ولهذا اثنان ، وإن لم يصطلحوا إلا القضاء فإنه يحلف [ ص: 88 ] أحد الخصمين أنه بغله ما باعه ولا وهبه فإن تشاححتما أيكم يحلف أقرعت بينكما على الحلف فأيكما قرع حلف ، قال قضى بها وأنا شاهد .

                                                            (الرابعة) : وأما رواية البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض على قوم اليمين فأسرعوا : فيحتمل أن أولئك القوم لم يكونوا متنازعين بحيث إن كل واحد يدعي نقيض ما يدعي صاحبه بل كانوا مدعى عليهم بأمر واحد كوضع أيديهم على عين ونحوها فأجابوا بالإنكار وتوجهت عليهم اليمين فصاروا متسرعين إلى الحلف ولا جائز أن يقع حلفهم في وقت واحد ؛ لأنه إنما يقع معتبرا به إذا صدر بتلقين الحاكم فقطع النزاع بينهم بالقرعة فمن خرجت له القرعة بدئ به وهذا واضح لا يلزم عليه الإشكال الذي في رواية المصنف وأبي داود والله أعلم .




                                                            الخدمات العلمية