الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2589 ) مسألة : قال : ( ومن ترك طواف الزيارة ، رجع من بلده حراما حتى يطوف بالبيت ) وجملة ذلك أن طواف الزيارة ركن الحج ، لا يتم إلا به . ولا يحل من إحرامه حتى يفعله ، فإن رجع إلى بلده قبله ، لم ينفك إحرامه ، ورجع متى أمكنه محرما ، لا يجزئه غير ذلك . وبذلك قال عطاء ، والثوري ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي وابن المنذر .

                                                                                                                                            وقال الحسن : يحج من العام المقبل . وحكي نحو ذلك عن عطاء قولا ثانيا . وقال : يأتي عاما قابلا من حج أو عمرة . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر له أن صفية حاضت ، قال : " أحابستنا هي ؟ " قيل : إنها قد أفاضت يوم النحر . قال : " فلتنفر إذا " . يدل على أن هذا الطواف لا بد منه ، وأنه حابس لمن لم يأت به . فإن نوى التحلل ، ورفض إحرامه ، لم يحل بذلك ; لأن الإحرام لا يخرج منه بنية الخروج ، ومتى رجع إلى مكة ، فطاف بالبيت ، حل بطوافه ; لأن الطواف لا يفوت وقته ، على ما أسلفناه . [ ص: 241 ]

                                                                                                                                            ( 2590 ) فصل : فإن ترك بعض الطواف ، فهو كما لو ترك جميعه ، فيما ذكرنا . وسواء ترك شوطا أو أقل أو أكثر . وهذا قول عطاء ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبي ثور .

                                                                                                                                            وقال أصحاب الرأي : من طاف أربعة أشواط من طواف الزيارة ، أو طواف العمرة ، وسعى بين الصفا والمروة ، ثم رجع إلى الكوفة ، إن سعيه يجزئه ، وعليه دم ; لما ترك من الطواف بالبيت . ولنا ، أن ما أتى به لا يجزئه إذا كان بمكة ، فلا يجزئه إذا خرج منها ، كما لو طاف دون الأربعة أشواط .

                                                                                                                                            ( 2591 ) فصل : وإذا ترك طواف الزيارة ، بعد رمي جمرة العقبة ، فلم يبق محرما إلا عن النساء خاصة ; لأنه قد حصل له التحلل الأول برمي جمرة العقبة ، فلم يبق محرما إلا عن النساء خاصة .

                                                                                                                                            وإن وطئ لم يفسد حجه ، ولم تجب عليه بدنة ، لكن عليه دم ، ويجدد إحرامه ليطوف في إحرام صحيح . قال أحمد : من طاف للزيارة ، أو اخترق الحجر في طوافه ، ورجع إلى بغداد ، فإنه يرجع ; لأنه على بقية إحرامه ، فإن وطئ النساء ، أحرم من التنعيم ، على حديث ابن عباس ، وعليه دم .

                                                                                                                                            وهذا كما قلنا . ( 2592 ) مسألة : قال : ( وإن كان طاف للوداع ، لم يجزئه لطواف الزيارة ) وإنما لم يجزئه عن طواف الزيارة ; لأن تعيين النية شرط فيه ، على ما ذكرنا ، فمن طاف للوداع ، فلم يعين النية له ، فلذلك لم يصح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية