الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين

جملة واقعة موقع التعليل للجمل المتقدمة في الثناء على الأنبياء المذكورين ، وما أوتوه من النصر ، واستجابة الدعوات ، والإنجاء من كيد الأعداء ، وما تبع ذلك ، ابتداء من قوله تعالى ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء . فضمائر الجمع عائدة إلى المذكورين . وحرف التأكيد مفيد معنى التعليل والتسبب ، أي ما استحقوا ما أوتوه إلا لمبادرتهم إلى مسالك الخير وجدهم في تحصيلها . وأفاد فعل الكون أن ذلك كان دأبهم وهجيراهم .

والمسارعة : مستعارة للحرص وصرف الهمة والجد للخيرات ، أي لفعلها ، تشبيها للمداومة والاهتمام بمسارعة السائر إلى المكان المقصود الجاد في مسالكه .

والخيرات : جمع خير بفتح الخاء وسكون الياء وهو جمع بالألف والتاء على خلاف القياس فهو مثل سرادقات وحمامات واصطبلات . والخير ضد الشر ، فهو ما فيه نفع . وأما قوله تعالى فيهن خيرات حسان [ ص: 137 ] فيحتمل أنه مثل هذا ، ويحتمل أنه جمع خيرة بفتح فسكون الذي هو مخفف خيرة المشدد الياء ، وهي المرأة ذات الأخلاق الخيرية . وقد تقدم الكلام على ( الخيرات ) في قوله تعالى وأولئك لهم الخيرات في سورة " براءة " ، وعطف على ذلك أنهم يدعون الله رغبة في ثوابه ورهبة من غضبه ، كقوله تعالى يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه . والرغب والرهب بفتح ثانيهما مصدران من رغب ورهب . وهما وصف لمصدر يدعوننا لبيان نوع الدعاء بما هو أعم في جنسه ، أو يقدر مضاف ، أي ذوي رغب ورهب ، فأقيم المضاف إليه مقامه فأخذ إعرابه . وذكر فعل الكون في قوله تعالى وكانوا لنا خاشعين مثل ذكره في قوله تعالى كانوا يسارعون .

والخشوع : خوف القلب بالتفكر دون اضطراب الأعضاء الظاهرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية